الفقه والشريعةكتاب الراىمنوعات

الوساوس أو الخواطر

الميزان/ الدار البيضاء: الدكتور لرزق

almizan.ma

ينقسم الوساوس الى قسمين قسم مرضي ( الوسواس القهري ) و قسم شيطاني مرافق لخلقة الإنسان .
الوسواس القهري أو المرضي :
يعرف بتسلط فكرة محددة وكريهة ومرفوضة على ذهن الإنسان، وتأتي هذه الفكرة بشكل متكرر جدًّا، وتقتحم على الإنسان حياته لتفسدها تماماً، وهذا النوع لا يمكن التحكم فيه أو السيطرة عليه مهما بذل الإنسان من جهد في الاستعاذة أو محاولة صرف التركيز الذهني عنه. وهذا يخلص منه الطب بالأدوية و العقاقير .
الوسواس الشيطاني:
وهو الوسواس المرافق للإنسان في حياته أصله من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس ، ويعرف بخواطر سوء متنوعة تأتي ( توسوس ) وتذهب ( تخنس)، تشغل التفكير حيناً ثم تنصرف بالاستعاذة، وذكر الله سبحانه، ويمكن وقفها، والانتهاء عنها ببذل بعض الجهد والإرادة.
يقول ابن القيم رحمه الله في بيان مخاطر الخواطر السيئة والوساوس الشيطانية، وكيفية علاج ذلك: قاعدة: في ذكر طريق يوصل إلى الاستقامة في الأحوال والأقوال والأعمال، وهى شيئان:
أحدهما: حراسة الخواطر وحفظها، والحذر من إهمالها والاسترسال معها، فإن أصل الفساد كله من قبلها يجيء، لأنها هي بذر الشيطان والنفس في أَرض القلب، فإذا تمكن بذرها تعاهدها الشيطان بسقيه مرة بعد أخرى حتى تصير إرادات، ثم يسقيها حتى تكون عزائم، ثم لا يزال بها حتى تثمر الأَعمال، ولا ريب أن دفع الخواطر أَيسر من دفع الإِرادات والعزائم، فيجد العبد نفسه عاجزاً أو كالعاجز عن دفعها بعد أن صارت إرادة جازمة، وهو المفرط إذا لم يدفعها وهى خاطر ضعيف، كمن تهاون بشرارة من نار وقعت في حطب يابس، فلما تمكنت منه عجز عن إطفائها.
فإن قلت: فما الطريق إلى حفظ الخواطر؟ قلت: أسباب عدة:
أحدها: العلم الجازم باطلاع الرب تعالى ونظره إلى قلبك وعلمه بتفصيل خواطرك.
الثاني: حياؤك منه.
الثالث: إجلالك له أن يرى مثل تلك الخواطر في بيته الذي خلقه لمعرفته ومحبته.
الرابع: خوفك منه أن تسقط من عينه بتلك الخواطر.
الخامس: إيثارك له أن تساكن قلبك غير محبته.
السادس: خشيتك أن تتولد تلك الخواطر ويستعر شرارها فتأْكل ما في القلب من الإيمان ومحبة الله فتذهب به جملة وأنت لا تشعر.
السابع: أن تعلم أن تلك الخواطر بمنزلة الحب الذي يلقى للطائر ليصاد به، فاعلم أن كل خاطر منها فهو حبة في فخ منصوب لصيدك وأنت لا تشعر.
الثامن: أن تعلم أن تلك الخواطر الرديئة لا تجتمع هي وخواطر الإيمان ودواعي المحبة والإنابة أصلاً، بل هي ضدها من كل وجه، وما اجتمعا في قلب إلا وغلب أحدهما صاحبه وأخرجه واستوطن مكانه، فما الظن بقلب غلبت خواطر النفس والشيطان فيه خواطر الإيمان والمعرفة والمحبة، فأَخرجتها واستوطنت مكانها، لكن لو كان للقلب حياة لشعر بألم ذلك وأحس بمصابه.
التاسع: أن يعلم أن تلك الخواطر بحر من بحور الخيال لا ساحل له، فإذا دخل القلب في غمراته غرق فيه وتاه في ظلماته فيطلب الخلاص منه فلا يجد إليه سبيلاً، فقلب تملكه الخواطر بعيد من الفلاح معذب مشغول بما لا يفيد.
العاشر: أن تلك الخواطر هي وادي الحمقى وأَماني الجاهلين، فلا تثمر لصاحبها إلا الندامة والخزي، وإذا غلبت على القلب أورثته الوساوس وعزلته … وأفسدت عليه رعيته وأَلقته في الأسر الطويل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى