كتاب الراىمنوعات

” الدكتاتور” خاطرة

الميزان/ الدار البيضاء: د. سعيد الناوي

almizan.ma

8 أبريل 2023
” قال لي صاحبي ، و لعمري أنه أهبل حكيم ، أن “الدكتاتور” نعت مركب من شقين: دك يدك دكا ، و هو فعل عربي بمعنى أطاح، و أهلك، و أسقط، و طحن ؛ و كتم الأنفاس ؛ و أدل و أهان، و قصف، و فصل ، و قضى و عجن و مضغ حتى اجتر و و تقيأ ، و صنع كل ما في كلام العرب من أحوال القهر و التحكم و السيطرة و الجبر….
و أما الشق الثاني فليس من العرب و لا للعرب تصيب فيه، و لكنه حال مفروض من السماء و الأرض و من الناس و لك أن تراه مفروضا من شيء آخر أو من” حمار جدتي”، إذا شئت ذلك، و دخت في تحديد السبب و المسببات
و لكنه لن نختلف مع الأهبل صاحبي، في أن الطحن و العرك و الفتك… يدور عليهم و ينزل عليهم منزلة السماء فوق الارض، و هو بدور
و يدور و يعني انتقال الحال منك إلى الآخر، و من الآخر إلى الآخرين… و هكذا دواليك… دواليك…، لكي يأتي الدور عليك … و المناسبة ضدك ..؛لكي تطحن برفع التاء ، لا بنصبها ؛ لأنك منصوب لا فاعل!؟
فترى نفسك كبقرة البيداء ، حيث المرج الوحيد و البقر مدعو لاحتيازه إلى الضفة الأخرى و بداخل المرج تماسيح عظيمة، تكسر أرجل البقر العابرة و أضلعها ، و البقر لا حيلة له، و هي ملزمة بالعبور و إنتظار كسر الأرجل أو الأضلع أو النجاة….
فيهلك البعض، و ينكسر البعض ، لينجو البعض ، لأن التماسيح مشغولة بكسر الأضلع و الأرجل!!؟
فتتمنى البقرة أن تسقط أختها أولا، فينشغل التمساح به، و تفلت هي؛
و لأن التماسيح كثيرة ، فإن معشر البقر يتمنون سقوط البقر الٱخر بعدد التماسيح، لكي تمر الأخرى
و لهذا ؛ فأول شق في كلمة الدكتاتور هو الدك و العجن و الكسر و الطحن و الفتك و العض و القتل،
و لله في البقر شؤؤن، و في ذلك حكمة .
و أما ثاني شق في الكلمة فليس عربيا، و هو “ثور” ،و أصلها رومي اعجمي من tour و تعني المناوبة ، و التناوب، و العودة و الإنتقال من و إلى و بلسان دارج”أ مولى نوبة”
و هكذا يقع الطحن و الفتك بالبقرة الأولى و الثالثة و الخامسة و السابعة و التاسعة و الإحدى عشر… و الألف و وأحد…. فيهلك الرقم المفتوك به فرديا ، و تنجو البقرة الثانية و الرابعة و السادسة و الألف و الألف و إثنان لأن التماسيح كانت فقط مشغولة بما سبق من البقر..
و إذا كانت التماسيح كثيرة ، إنقلب الدورle tour ..فالتماسيح العشرة تنشغل بفتك البقرات العشر، و تنجو من البقر عشر بقرات… و إذا كانت التماسيح خمسة عشر، تم الفتك بالبقرات الخمسة عشر الأولى ، و نجت خمسة عشر.. و هكذا ينجو من البقر بقدر ما تم كسره أو ”مضغه” أو خنقه إلى حد الموت و أكله من البقر الٱخر….
و لربما تحول التمساح الى مدير عام
فيسحب واحدة من البقر إلى أسفل المرج ، يصعد فوقها و هي تختنق ،
ثم يسحب أخرى فيكسر رجليها و أضلعها و يمضغها فتكون البقرات المبتلاة بالهلاك أكثر… و السؤال لماذا المرور فوق جسر التماسيح ؟؟
الجواب لا تلفاه عند التمساح و لا عند البقر… و لا عند صاحبي الأهبل الحكيم… ربما تجده عندك أنه قدر مقدر و قضاء محتوم !؟؟
فرضي البقر بالقضاء و القدر، و رضيت التماسيح بالحال و القدر و القضاء أيضا، و ظل صاحبي يرقب التلفاز و يتأسف أي…و أي… و التماسيح سعيدة، و البقر يعبر، و يعثر و الطحن قائم و العرك مستمر…. و القضاء و القدر و صاحبي الأهبل و الحال و الحالة و النعث و النصب من الأدوات التي يلزم تعلمها في مدرسة الحياة….

سعيد الناوي غفر الله له و تجاوز عنه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى