السياسيةالقانــونقضايا المجتمعمنوعات

وعود تبون تتبخر وصيف الجزائريين بلا منحة سياحية

الميزان/ الرباط: متابعة

almizan.ma

وعود تبون تتبخر وصيف الجزائريين بلا منحة سياحية
الميزان/ الرباط: متابعة
يبدو أن صيف 2025 في الجزائر سيكون مخيبًا لآمال ملايين المواطنين الذين كانوا يمنّون النفس بتحقيق أحد أبرز الوعود الرئاسية: رفع المنحة السياحية إلى مستوى يحترم كرامة المواطن، ويتيح له فرصة السفر كغيره من أبناء الدول النفطية.
فبعد إعلان الرئيس عبد المجيد تبون نهاية عام 2024 عن قرار يقضي برفع المنحة السنوية من 100 دولار إلى 750 يورو للبالغين و300 يورو للقاصرين، بدءًا من يناير 2025، سادت أجواء من التفاؤل بين الجزائريين، أملاً في أن يكون هذا التحول بداية لكسر القيود المالية المفروضة عليهم منذ 1997.
لكن الواقع سرعان ما بدّد تلك الآمال. فمع دخول الصيف واقتراب موسم العطلات، لم يتم تفعيل القرار، ولا يزال المواطن الجزائري محرومًا من الاستفادة من أي تغيير فعلي، فيما غابت التصريحات الرسمية الصريحة، واكتفت الحكومة بالتبريرات المتناقضة وتحميل المسؤوليات بين الوزارات.
رغم أن وزارة المالية كانت قد أكدت في وقت سابق أن صرف المنحة سيبدأ منتصف أبريل، إلا أن شيئًا لم يتحقق على أرض الواقع. شبابيك الصرف التي جرى تركيبها في المطارات والمعابر الحدودية لا تزال دون موظفين، ولا تقدم أي خدمة، في مشهد يعكس مدى الارتباك والتخبط في تطبيق ما أُعلن عنه أمام الرأي العام.
اقتصاديًا، يرى متابعون أن تطبيق هذه المنحة في ظل الفارق الكبير بين سعر صرف الدينار الرسمي وسعره في السوق السوداء (حيث يصل الفارق إلى أكثر من 110 دنانير لكل يورو) قد يؤدي إلى كارثة حقيقية، إذ يمكن للمواطن أن يتحصل على العملة الأجنبية بالسعر الرسمي ويعيد بيعها في السوق الموازية محققًا أرباحًا ضخمة، ما يعني نزيفًا سريعًا للعملة الصعبة.
وفي هذا السياق، فإن المخاوف من استنزاف احتياطي البلاد من النقد الأجنبي دفعت السلطات إلى التراجع العملي عن تنفيذ الوعد، في حين لم يجرؤ أحد على إعلان ذلك بشكل صريح، بل تُرك المواطن في حالة ترقب وضبابية زادت من حالة السخط الشعبي.
الرئيس تبون، الذي قدّم نفسه مرارًا كـ”منقذ” يسعى لتجسيد “الجزائر الجديدة”، بات اليوم رمزًا للوعود غير المنجزة. فالمنحة السياحية ليست إلا حلقة جديدة في سلسلة من القرارات التي جرى الترويج لها بشكل ضخم، قبل أن تصطدم بجدار الواقع، سواء لأسباب اقتصادية أو بسبب ضعف التخطيط والتنفيذ.
وما يُثير القلق أكثر، أن كثيرًا من المواطنين البسطاء بَنَوا خططهم الصيفية على أساس حصولهم على المنحة، سواء للسفر، أو لسداد التزامات، أو حتى لتمويل دراسة أبنائهم، ما يجعل الخيبة القادمة أكبر من مجرد تأخر في صرف مبلغ مالي.
في بلد غني بالغاز والنفط مثل الجزائر، ما زال المواطن محروماً من أبسط حقوقه المالية، في الوقت الذي يتمتع فيه المحسوبون على دوائر النظام وأبناء المسؤولين بامتيازات لا حصر لها داخل البلاد وخارجها. وبينما تُرفع الشعارات عن “القوة الضاربة” و”السيادة الاقتصادية”، يظل الدينار الجزائري عاجزًا عن الصمود، بل حتى لا يُقبل في متاجر المطارات داخل البلاد، في مفارقة تُجسد حالة التناقض بين الخطاب والممارسة.
مع حلول الصيف وغياب أي أفق لتطبيق وعد الـ750 يورو، تتزايد حالة الغضب والسخط الشعبي، لا سيما بين الفئات التي كانت تعول على هذه المنحة لتخفيف عبء المعيشة، أو لتحقيق حلم بسيط بالسفر خارج البلاد.
وهكذا، تتكرس صورة تبون في أعين الكثيرين كـ”رئيس الوعود الفارغة”، وسط تساؤلات عن مدى صدقية الخطاب الرسمي، وإلى متى سيستمر مسلسل التلاعب بأحلام المواطن الجزائري؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى