
قرية أيت تعبان المتواجدة بقبيلة تمسمان والتي تنتمي لجماعة بودينار، قرية صغيرة توجد على ضفاف البحر الأبيض المتوسط، قرية جعلت التحدي عنوان عريضا لها حيث دائما ما نجحت في مبادرات خيرية أو اجتماعية سعت لها.
خلال سنوات خلت ظهرت فكرة للوجود تتعلق بإنشاء صندوق لدعم المرضي والمحتاجين، في الوهلة الأولى كانت هذه الفكرة تعتبر من المستحيل تحقيقها في ظل قرية صغيرة بإمكانيات مادية جد بسيطة تعتمد على ساكنتها فقط، ولا توحي أبدا أنها قادرة على تغطية مصاريف العلاج لكل المحتاجين، ولكن عندما تتوفر العزيمة والإرادة ونكران الذات من أجل خدمة المسكين والفقير، ويكون عمل جماعي تسوده مبدأ ثويزا ( ثويزا تعني العمل الجماعي من أجل مصلحة الجماعة أو الفرد) يصبح المستحيل ممكن والصعب سهلا والبعيد قريبا.
ففكرة صندوق الدعم الصحة هي فكرة جماعية تكاتفت الجهود من الجميع لتحقيقها بعيدا عن المزايدات السياسية والاستغلال السياسي لساكنة هذه البقعة، فكرة رحب بها من يملك مستلزمات الحياة ويتوفر على شروط العيش الكريم، وسعوا لدعمها ماديا ومعنويا، وتقبلها الضعفاء المحتاجين للدعم وباشروا في رفع الأدعية لله ليقف مع الذين يعملون على الفكرة والذين يدعمونها ماديا.
* ما معنى صندوق الدعم الصحي:
لست هنا لتعريف الكلمات لغويا ولا اصطلاحا ولكن سأتحدث بصفة عامة عن فكرة صندوق الدعم الصحي وكيفية إخراجها للوجود، فالمقصود بهذا الصندوق عند ساكنة أيت تعبان هو صندوق نجمع فيه المال ( أو كما سماه أحد أبناء أيت تعيان ثزرعت = سلة ) ليتكلف بدفع مصاريف العلاج للمرضى وشراء الأدوية شرط أن يكون هذا المريض أو المستفيد غير قادر على دفع المصاريف أو بتعبير أدق أن تتوفر فيه شروط الاستفادة التي وضعت لتسيره ( الصندوق).
* كيفية تسير صندوق الدعم الصحي:
تسير صندوق الدعم الصحي هو النقطة التي أخذت وقتا كثيرا وجعلته (الصندوق) لا يظهر للعلن إلا بعد مخاض كبير أخذ من ساكنة أيت تعبان وقت كبير بلغ عدة سنوات.
رغم النقاش الكبير الذي رافق هذه الفكرة منذ ظهورها في القرية إلا أن طريقة تسيره والجهة التي ستتبناه وتعطيها الشرعية القانونية أخذت من الساكنة وقت كبير.
وكان تقعيد هذه الفكرة عبر مراحل عدة من بينها:
1: بروز جمعية أيت تعبان للتنمية والتضامن بأوروبا أول خطوة نجاح لصندوق الدعم الصحي بأيت تعبان، حيث أنتج نقاش كيفية خلق صندوق الدعم الصحي بايت تعبان فكرة مركزية ومحورية هي إنشاء جمعية تجمع أبناء أيت تعبان بأوروبا لتكون السند الأساسي والممول الأكبر لهذا الصندوق وهذا أول تحدي نجحت فيه الساكنة سنة 2016 بخلق جمعية لهذا الهدف بالأساس مع أهداف أخرى بطبيعة الحال.
2: بدأ الجمعية بالدعم المادي لبعض المرضي وتكلفها ببعض الحالة المكلفة ماديا:
بمجرد أن حصلت جمعية أيت تعبان على الوصل النهائي بدأت تشتغل على هذه الفكرة المحورية بالإضافة لعدة مبادرات أخرى قامت بها ( ربما سنخصص مقال لنعرف بالجمعية) وخلال عملها على هذه المبادرات بدأت تتضح للجمعية الخطوط الرئيسة ( خصوصا أنها شاركت هذا النقاش مع الساكنة على مواقع التواصل الاجتماعي ) ومعالم النجاح أو الفشل لمبادرة سيطلق عليها حاليا بأنها أحسن مبادرة قامت بها الجمعية.
3: ظهور صفحات جديدة على الفاسبوك وتعميق النقاش حول هذه الفكرة:
صادف ظهور جائحة كورونا وبقاء الناس في المنازل ظهور صفحات على الفاسبوك تجمع أبناء القرية يتحدثون عن مشاكل التي تعاني منها القرية واقتراح حلول والعمل على تحقيق هذه الحلول، ومن بين المشاكل التي ظهرت هي حالات مرضية مكلفة جدا مما جعلنا نخصص مباشرات لجمع التبرعات لعلاجها، وهذا ما أدى لنقاش جدي ومسؤول حول كيفية السبيل لإخراج صندوق الدعم الصحي للوجود والعمل بشكل منظم لدعم كل الحالات الممكنة دون التشهير بها في الفاسبوك.
حيث أخذ أعضاء جمعية أيت تعبان زمام الأمور وفتحوا نقاش موسع مع كل أطياف المجتمع الأيتعباني بل فتحوا باب النقاش للدواوير المجاورة لتساهم في نقاش الفكرة وتقعيدها على أرض الواقع.
4: بروز لجنة موسعة داخل المغرب وخارجه:
إن النقاش الموسع الذي فتحته جمعية أيت تعبان جعلتها تستقر على خطة محكمة و واقعية لتسير صندوق الدعم الصحي، حيث أشركت كل المتفاعلين مع النقاش لتحديد لجنة مسيرة للصندوق داخل المغرب وخلص النقاش على أختيار أربعة أشخاص.
5: عمل اللجنة داخل المغرب:
ليكون العمل قانوني ارتأت اللجنة المتواجدة في المغرب فتح نقاش جديد ألا وهو هل سنعمل تحت لواء جمعية متواجدة بالقرية أو خلق جمعية جديدة وهذا النقاش أدي لمقترح العمل تحت يافطة جمعية ثافضنة ولكن باستقلالية تامة على المستوى المالي والقرارات وهذا ما تقبلته الجمعية بصدر رحب وفتحت حساب بنكي خاص للجنة.
* كيفية تنظيم والاستفادة من صندوق الدعم الصحي:
يقول أرسطو “الإنسان حينما يطبق القانون يسمو على الحيوان وحينما يبتعد عن القانون والعدالة ينحط ويصبح أقل من الحيوان”
ليكون عمل اللجنة منظما وبعيدا عن القيل والقال فلابد من قانون ينظمها ويكون مرجعا لها في اتخاذ القرارات، ارتأت اللجنة منذ الأول بوضع قانون لتسير الصندوق وشروط للاستفادة.
هذا القانون محدد في سبعة نقاط ( مواد) تتحدث بالتفصيل عن عمل اللجنة والسبيل للاستفادة من الصندوق حيث تتحدث المادة الأولى على إحداث حساب بنكي خاص ومستقل لدعم المرضي يتم تسيره والإشراف عليه من طرف اللجنة الموسعة ( 9 أشخاص) ينظمهم قانون داخلي. والمادة الثانية تتحدث عن شروط الاستفادة من صندوق الدعم الصحي التي حددت في ستة شروط هي:
_ التوفر على بطاقة راميد.
_ في حالة عدم التوفر على بطاقة راميد تراعي الوضعية الاجتماعية للمريض.
_ ألا يكون المستفيد متوفر على الإمكانيات المادية لتلقي العلاج.
_ أن يكون نوع المرض يتطلب مصاريف لإجراء فحوصات دقيقة وعلاج مطول، وليس مرض عرضي فقط.
_ إدلاء المعني بالأمر أو ذويه بالشواهد الطبية التي تثبت نوعية المرض.
_ أن يتلقى المريض العلاج داخل المستشفيات العمومية كمبدأ عام ولا يمكن اللجوء إلى المصحات الخاصة إلا في حالة الضرورة القصوى وبتوجيه طبي.
المادة الثالثة فهي تنظم مصاريف العلاج ونوعية الأمراض التي يُدعم أصحابها من طرف الصندوق بعد دراسة الملف من طرف اللجنة الموسعة.
المادة الرابعة: لا يمنح الصندوق مصاريف العلاج للمرضى دون تقديم طلب شفوي للجنة.
المادة الخامسة: يقصد باللجنة في هذا القانون المؤطر للصندوق دعم المرضى بقرية أيت تعبان اللجنة المحدثة بجمعية تافضنة والتي تسمى لجنة الصحة والمكونة من أربعة أشخاص، وكذا أعضاء جمعية أيت تعبان للتنمية والتضامن بأوروبا ويعهد لهذه اللجنة دراسة الملفات الخاصة بدعم المرضى داخل القرية واتخاذ القرار الخاص بدعم المريض من عدمه بالإضافة إلى اتخاذ القرار في حالة قبول طلب المريض وتحديد قيمة المبلغ المالي الذي سيمنح للمريض كدعم من الحساب.
المادة السادسة: تتحدث عن ضرورة تقديم تقارير كل ثلاث أشهر مرفوقة بالوثائق المبررة لصرف مال الصندوق.
المادة السابعة تنص على احترام المساهمين والمتدخلين في عملية دعم المرضى على احترام خصوصيات المرضى وعدم التشهير بهم.
* كيفية تمويل الصندوق.
تمويل الصندوق هي النقطة الجوهرية والأساسية لنجاح هذا المشروع النبيل ذو البعد الإنساني المحض، حيث يعتبر التمويل هو المحرك الوحيد لاستمراريته ( الصندوق) لأن مثل هذا العمل يحتاج للمال من أجل تقديم خدمات صحية ( تلقي العلاج، شراء الأدوية، تنظيم قافلات طبية. . . ) فبدونه لا يمكن فعل شيء.
فبعد نقاش طويل عن السبل الممكنة لجلب التمويل لهذا الصندوق خلص الأمر إلى الاعتماد على التمويل الذاتي في حدود البحث عن التمويل من مؤسسات الدولة.
التمويل الذاتي تم تقسيمه إلى ثلاث نقط:
1- المساهمات السنوية: هو التزام أبناء وبنات أيت تعبان خصوصا المتواجدين بأوروبا وأصحاب الدخل القار بالمغرب بمبالغ مالية محددة يساهم بها سنويا.
2- المساهمات الموسمية أو المساهمات خلال حملات جمع التبرعات التي تقوم بها اللجنة عبر تقنية اللايف على وسائل التواصل الاجتماعي من حين لآخر.
3- مساهمات المحسنين خارج المجال الجغرافي لايت تعبان.
في الوقت الراهن وفي ظل جائحة كورونا فإن الدعم أو التمويل مقتصر على هاته النقط في إطار ابتكار طرق جديدة لتمويل الصندوق.
بالإضافة للدعم الذاتي فاللجنة تستعد لطرق أبواب المؤسسات الرسمية ( الجماعات، العمالة، المجلس الإقليمي. . . . ) لطلب الدعم.
للإشارة فاللجنة فتحت نقاش داخلي وللعموم من أجل اقتراح طرق مناسبة وعملية لتوفير الدعم المالي للصندوق؛فهي منفتحة على الجميع شرط إحترام القانون المنظم لها؛ كما تناشد كل الضمائر الحية والذين يستطيعوا المساهمة أن يساهموا للاستمرارية هذا المشروع و ألا يبخلوا ولا يترددوا في دعم هذا العمل النبيل.
أضع رهن إشارتكم حساب الجمعية بأوروبا وحساب الجمعية بالمغرب لمن أراد دعم هذه المبادرة .
=== Pour contribuer en Europe ===
===للمساهمة من أوروبا===
https://www.cotizup.com/caisse-entraide-medicale
IBAN : FR05 2004 1000 0169 0673 5B02 096
BIC : PSSTFRPPPAR
=== Pour contribuer au Maroc ===
===للمساهمة داخل المغرب===
IBAN : MA1505272111634179210065 15
BIC : BCPOMAMC
“كم هو قوي نور الوحدة لدرجة تمكنه من أن يضيء الأرض كلها” هذه المقولة الرائعة ظهرت في أيت تعبان عندما إتحدوا على إنجاح هذا الصندوق، فنور هذا الصندوق بدأ يضيء منازل المرضى، وبدأ يرسم الإبتسامة على فقراء وضعفاء أيت تعبان.