
almizan.ma
بعد ثماني عشرة سنة من دخول مدونة الأسرة حيز التنفيذ ، وذلك بتاريخ 3 فبراير 2004 ، و بعد نقاش مجتمعي مستفيض اتسم بكثرة الخلافات بين مختلف فعاليات المجتمع المدني حول إدماج المرأة في التنمية من بين مؤيد و معارض للتوجهات الجديدة المسطرة بهذه المدونة.
نجد أنفسنا اليوم أمام مطالب مجتمعية تدعو من خلا له فئات عريضة من مكونات المجتمع المدني المغربي ، إلى مراجعة مدونة الأسرة و ذلك بعلة أن تنفيذ المدونة على ارض الواقع ، قد عرف مجموعة من الإكراهات سواء المادية أو البشرية أو الإكراهات المسطرية أو مشاكل مرتبطة بجوهر نصوص المدونة والتي لخصتها جل الاحكام الصادرة ومذا الملفات الرائجة أمام محاكم الأسرة ، إكراهات إنعكس سلبا على واقع الأسرة كما المجتمع ، مما حد من الإنتظارات المتواخاة من تحقيق أهداف مدونة اريد بها ان تخلق ثورة في مجال التشريع الأسري ، في إطار السياق المجتمعي الذي عرفه المغرب.
و بعد العديد من المطالب المجتمعية الداعية إلى تعديل المدونة، جاء الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش بتاريخ 31 يوليوز 2022 مؤيدا الأصوات الداعية إلى هذا التعديل وذلك من خلال الدعوة إلى إيلاء المرأة مرتية خاصة و الحفاظ على حقوقها.
و في هذا الصدد فإنه لخلق نوع من المساواة بين الرجل والمرأة في إطار التعديلات المزمع إدخالها على المدونة، نقترح بصفتنا ممارسين في الحقل الحقوقي مجموعة من التعديلات كما يلي :
1. تجاوز التمييز بين الرجل و المرأة في مسائل النيابة الشرعية، و ذلك تداركا للمس بحقوق الأطفال من خلال تخويل الأم الحاضنة النيابة الشرعية دون جعل ذلك متوقفا على موافقة الطليق.
2. المنع الصريح و الواضح لزواج القاصرات وجعل سن الزواج محددا في 18 سنة دون استثناء ، و ذلك راجع للمشاكل التي أفرزها الواقع العملي بزواج القاصرات.
إقرار حق الطفل في النسب ولو ازداد خارج مؤسسة الزواج و ذلك استنادا للمصلحة الفضلى الأبناء ضحايا العلاقات غير الشرعية.
3. إعادة النظر في مقتضيات المادة 49 من مدونة الأسرة وذلك من خلال التفصيل و التمييز بين نظام الأموال المكتسبة والكد و السعاية.
4. حصر الحالات التي تحول دون توثيق عقد الزواج المنصوص عليه في المادة 16 من المدونة في الأسباب القاهرة و ذلك بهدف وقف التحايل من أجل تزويج القاصرات وتعدد الزوجات.
5. إقرار الوساطة كآلية للصلح قبل اللجوء إلى المحاكم بهدف تفادي الإكتظاض وكثرة الملفات من جهة ، و محاولة إصلاح ما يمكن إصلاحه و الحفاظ على المكون الأسري متن جهة أخرى.
و في الأخير لا ينقصنا إلا أن نؤكد على أن تعديل مدونة الأسرة لوحده ليس هو السبيل الكفيل لحماية حقوق المرأة وخلق مساواة بينها و الرجل ، بل إن الأمر يرتبط في جوهره بتنمية الوعي المجتمعي عامة والأسري خاصة، وفي هذا الصدد ندعو إلى خلق مؤسسات للتكوين قبل الزواج هدفها توعية المقبلين على الزواج بكل الجوانب و المشاكيل التي ترافق هذه المؤسسة و تلافي الوصول إلى أبغض الحلال وهو الطلاق.
ذ/ الحسين بكار السباعي
محام وباحث في الإعلام والهجرة وحقوق الإنسان.