قضايا المجتمعكتاب الراىمنوعات

التواصل التربوي ومهارة الانصات

الميزان/ الرباط: بقلم: محمد تكناوي

almizan.ma

التواصل التربوي ومهارة الانصات
الميزان/ الرباط: بقلم: محمد تكناوي
اعتقد جازما ان العملية التعليمية التعلمية هي عملية تواصلية في الأصل، فهي مبنية على مجموعة من المؤشرات و المحددات التي تخضع لها كل عملية تواصلية أخرى، لذلك فالتواصل الجيد بين المدرس والمتمدرس له تأثير كبير في التحصيل البيداغوجي و الدراسي المنشود.
فاذا كان العمل التربوي يقوم على ثلاثة عناصر أساسية معلم ومتعلم وتعلم ، فإنه لا يمكن تحقيق نتيجة تربوية ايجابية إلا بوسائط تربط بينهم و هي حواس الشخص وقدراته من سمع وبصر وعقل ووجدان فهي بذلك المنافذ و السبل التي يتم من خلالها الاتصال بالعالم الخارجي عموما والتفاعل مع أحداثه و الإنفعال بها.
و من هذه الوسائط بوصلة الانصات التي تعتبر مهارة من مهارات الاتصال والتواصل المهمة ، وتحقيقها يؤدي إلى اتصال جيد ، وقد يعتقد البعض أن الإنصات عملية آلية لا تحتاج إلى تدريب وهذا خطأ ، فالإنصات لا يتم إلا بتركيز المتصل به لكلام المتصل.
بل و يذهب عدد من المربين أبعد من ذلك من خلال التأكيد ان الاستماع او الانصات هو ايضا نوع من انواع القراءة لأنه وسيلة الى الفهم والى الاتصال اللغوي بين المدرس والتلميذ فاذا كانت القراءة الصامتة قراءة بالعين والقراءة الجهرية قراءة بالعين واللسان فان الاستماع قراءة بالأذن.
وتنمية مهارة الاستماع الجيد امر ضروري للتلاميذ وايضا ضروري للمدرس يساعده على ايصال المعلومة، فالتعليم الناجح هو الذي يبنى على التفاعل والتبادل والتواصل الفعال.
ورغم انه لا توجد حصص دراسية مستقلة وخاصة لتعليم الاستماع إلى أن الظرفية الاكتنافات الحالية التي يعرفها إصلاح منظومة التربية والتكوين خاصة فيما يخص القرارات والممارسات في مجال التعليم والتحليل البيداغوجي.،تحتم في اعتقادي التفكير في تعليم هذه المهارة، ولما لا وضع منهج لتعليمها بحيث تكون لها اهدافها ومحتواها الخاص وطرائق واساليب تدرسيها وتقويمها في مجموعة من البرامج حسب كل مستوى دراسي و مرحلة تعليمية، ذلك ان الاستماع مهارة جد معقدة لا تنمو بطريقة تلقائية دون تعليم او تدريب.
والاستماع كما يتم تعريفه هو تلقي الاصوات بقصد وارادة فهم وتحليل، وهو عماد كثير من المواقف التي تستدعي الانتباه كالأسئلة والاجوبة والمناقشات والمحاضرات وغيرها، بل ويمكن اعتباره شرط اساسي للنمو اللغوي بصفة عامة وبدونه قد لا توجد اللغة بمعناها الاصطلاحي ،وهو كذلك تدريب على حسن الاصغاء وحصر الذهن ومتابعة المتكلم وسرعة الاستيعاب، وتبدو هذه الاهمية خاصة في التعليم عن بعد.
و من بين مزايا التدريب على الاستماع يمكن اجمال :
تنمية قدرة التلاميذ على متابعة الحديث والتمييز بين الافكار الرئيسية والثانوية .
تنمية احترام الاخرين واخذ احاديثهم باعتبار شديد، وفهم التعلمات والتحصيل الدراسي من خلال الاستماع والمشاركة الايجابية في الحديث.
تشجيع التلاميذ على التقاط اوجه التشابه والاختلاف بين الآراء.
تنمية قدرة التلاميذ على تخيل الاحداث التي يحكى عنها و استخلاص النتائج من بين ما يسمعونه.
تنمية قدرة التلاميذ على التنبؤ بما سيقوله المتحدث تأكيدا او انفعالا او رفضا لمبدأ أو فكرة و اكتشاف الخطأ فيما يستمعون اليه ومحاولة تصحيحه.
ولتنمية مهارة الاستماع ينبغي ان يكون المدرس نفسه قدوة للتلاميذ في حسن الاستماع فلا يقاطع تلميذا يتحدث ولا يسخر من طريقة حديثه، و ان يهيئ التلاميذ للاستماع الجيد بتوضيح طبيعة المادة التي سوف يلقنها عليهم او التعليمات التي سوف يصدرها مبينا لهم المطلوب مثل التقاط الافكار او متابعة سلسلة الاحداث؛ كما يمكن في بعض دروس القراءة ان يقرا المدرس على التلاميذ قصة او موضوعا شائقا جديدا يستمعون اليه تم يناقشهم بعد ذلك مناقشة شاملة ودقيقة لما استمعوا اليه ، أو أن يطلب الاستاذ من التلاميذ في حصة القراءة مثلا تصحيح الخطأ في قراءته النموذجية تم يتعمد ان يخطئ في بعض الكلمات ليكتشف مدى قدرة التلاميذ على الاستماع الجيد .
و لا يسعنا في نهاية هذه المقترحات حول تنزيل وتفعيل مهارة الانصات سوى إعادة التأكيد على الأهمية التي يكتسبها التواصل التربوي عموما، ياعتباره وسيلة لتبادل الكفاءات والقدرات والمهارات بين الأستاذ والتلميذ ، و اعتبارها ايضا عملية تربوية إنسانية تتم من خلال التواصل فكلما كان الاتصال صحيح ووثيق كان مرور المعلومات أسهل، وكان له تاثير ايجابي على التحصيل الدراسي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى