الاقتصاديةمنوعات

almizan.ma

يواجه المغرب أعلى معدل تضخم منذ تسعينيات القرن الماضي، بشكل يطرح تحديات على بنك المغرب والحكومة لتخفيف التأثير السلبي على القدرة الشرائية للمواطنين.
حيث بدأ معدل التضخم الارتفاع مع الحرب الروسية الأوكرانية، وفي نهاية يوليوز المنصرم ارتفع بـ7.7%، على أساسٍ سنوي، مدفوعاً بزيادة أسعار المواد الغذائية بـ 12%، وتكلفة النقل بـ18%.
وبالعودة إلى معطيات المندوبية السامية للتخطيط، فإن التضخم في المغرب سجّل 7.2% في شهر يونيو، و5.9% في كل من شهر ماي وأبريل، ولا يستبعد أن يصل إلى مستويات أكثر في الأشهر المقبلة.
وكان بنك المغرب توقع انتهاء السنة الجارية بمعدل تضخم يناهز 5.3 %، على أن يعود السنة المقبلة إلى ما دون 2% ، وهو المستوى المسجل على مدى سنوات؛ لكن هذه التوقعات تبقى محفوفة بالشكوك.
ويُعرف التضخم بأنه ارتفاع مستمر في المستوى العام لأسعار السلع والخدمات التي تهم شريحة واسعة من المواطنين، وهو ما يؤثر على قدرتهم الشرائية.
كما يؤثر التضخم على قرارات الاستثمار، لأن الارتفاع الكبير في معدله يعني ارتفاع مستوى التكاليف التي يتحملها المستثمر، وبالتالي انخفاض مبيعاته المتوقعة.
وتعكس ظاهرة التضخم بشكل عام اختلالاً أو ضغوطات يشهدها الاقتصاد بشكل ينعكس في ارتفاع مستوى النقود في المجتمع مقارنة بمستوى المعروض من السلع والخدمات؛ كما يمكن أن يعكس ضغوطات تتعرض لها قيمة العملة مقابل العملات الأجنبية، وبالتالي ارتفاع أسعار السلع المستوردة.
وفي حالة المغرب، فإن التضخم المسجل ليس نتيجة ارتفاع المعروض من النقد، بل هو تضخم مستورد ناتج عن ارتفاع أسعار عدد من المواد التي يستوردها البلد من الخارج، وعلى رأسها المحروقات.
حين يرتفع سعر المحروقات تتأثر كلفة النقل، وبالتالي ترتفع بشكل حتمي أسعار جميع المواد الأساسية، وهو ما يعيشه المغرب منذ شهر فبراير مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية التي نتج عنها ارتفاع في أسعار المحروقات.
وبالإضافة إلى أسعار المحروقات، شهدت أسعار المواد الغذائية، مثل الحبوب، والمواد الخام، مثل مواد البناء، زيادة ملحوظة نتيجة التداعيات الجيو-سياسية للحرب المستمرة في أوكرانيا.
أول مؤسسة مسؤولة عن التضخم هي بنك المغرب، الذي يعتبر استقرار الأسعار ضمن أهدافه الرئيسية، وعليه أن يتحرك وفق ما هو متاح له لخفض معدلات التضخم.
ولو كان معدل التضخم في المغرب ناتجا عن ارتفاع الكتلة النقدية لقام بنك المغرب برفع سعر الفائدة الرئيسي الذي يقرض به للبنوك، وبالتالي ارتفاع نسبة الفائدة المطبقة على القروض الممنوحة للأشخاص والمقاولات، وعليه يتم خفض الكتلة النقدية وعودة التضخم إلى مستويات عادية.
لكن في حال التضخم المستورد، الذي نعيشه، لم يقم بنك المغرب بأي خطوة، فسعر الفائدة الرئيسي ثابت في 1.5% منذ سنة 2020، إذ تم تخفيضه من 2.5% لتحفيز الاقتصاد الوطني في أعقاب أزمة جائحة كورونا، وهو يدخل ضمن ما تسمى السياسة النقدية.
وتعتبر العراقيل الإدارية وبطؤها وغياب الرؤية، وفق تحليل خبير اقتصادي، من أهم العراقيل التي تواجه الاستثمار، ناهيك عن شح الموارد المالية التي يجب على بنك المغرب أن يتجاوب معها بتسهيل الولوج إلى التمويل، وليس العكس.
في عدد من دول العالم اتخذت الحكومات إجراءات لتخفيف آثاره على قدرة المواطنين، من قبيل خفض الضرائب وتقديم إعانات مباشرة للأسر ودعم أسعار المواد الأكثر استهلاكاً.
ولجأت الحكومات في دول الاتحاد الأوروبي إلى هذا النهج من خلال خفض بعض الضرائب، كما زادت من دعم الأسر الفقيرة والمتوسطة والعاطلين عن العمل، ودعمت أخرى أسعار البنزين بشكل أساسي.
وإذا كان المغرب اتخذ قرارات عدة لمواجهة التضخم، فهو لم يتبع نهج أغلب الدول؛ إذ قرر الاكتفاء بمنح دعم مالي مباشر للعاملين في قطاع النقل الطرقي للحيلولة دون الزيادة في الأسعار، وتأجيل تحرير أسعار السكر والدقيق وغاز البوتان التي يتم دعمها عبر صندوق المقاصة.
قرار دعم العاملين في قطاع النقل الطرقي أظهر محدوديته في كبح جماح التضخم؛ فرغم تقديم مليارات الدراهم منذ أشهر، إلا أن التضخم مازال مستمراً، بل ينحو في اتجاه الصعود إلى أعلى المستويات.
وإن كانت مستويات أسعار المحروقات منخفضة نسبياً؛ إذ يناهز حالياً سعر الغازوال 15 درهماً للتر الواحد، فإن أسعار المواد الاستهلاكية مازالت مرتفعة عما كانت عليه في السابق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى