almizan.ma
انتقل الناس مع الثورة التكنولوجية الرقمية إلى تغير في كثير من الخصال والسلوك منها إظهار النعمه وإخفاء النقم. إظهار حالات الفرح والسرور، والانشغال عن تسجيل مظاهر الفقر والحاجة والحسرة من فقد نعم أو إخوان أو مال. ويجد المتتبع وسائط التواصل الاجتماعي ملأى بمواقف لتسجيل لحظات السعادة والحبور بمظاهر البذخ والسخاء والقمة في كل شيء.
ويحتاج هذا دراسات متعددة من قبل علماء النفس والاجتماع حتى يعطي الموضوع حقه ومستحقه من التناول العلمي. غير أن مايجول في خاطري الآن وهاتفي الذكي على طاولتي مع قهوتي السوداء بجانب مفاتيح السيارة في مقهى الحافة المطل على البحر الأبيض المتوسط. ما سأفرده لك بالكلام.
أرأيت كم من الاشياء سردتها عليك وهي لا تهمك و لم تكن بحاجه إليها ولم تزدك فائدة. غير انك ربما تعودت عليها من أسلوب الكائنات من اسلوب الكتاب من من يرون في تصرفاتهم اشياء ضرورية للمتابع. هذا ومثله معه يقال في الأشخاص العاديين ممن ينقلون وقائع حياتهم بانتقاء وبألوان مزهرة. كان الشعراء يبدعون في وصف الشدائد والمآسي أكثر من لحظات النعم والسعادة لأعراض شتى. ويأخذ الأديب بمجامع الأفئده عند وصف البؤس والشقاء، وهو ما يرغب فيه لكسب التعاطف وإدراك المحنة. ونجد في مبادئنا الحضاريه ما يحثنا على إظهار النعم لكن مع عدم التفاخر كما هو الظاهر. والمثير للاستغراب أن المفتخر بالعلم هو قليله، والمتظاهره بالسعادة هو ضئيلها. و أثار انتباهي في ظل جائحه كورونا السابقه وأنا أشاهد وصلات مسجلة لكثير من المشتغلين في الشأن الديني، حيث ألفيت أن من يمتلك خزانة علمية متكاملة لا تجده يتخذها خلفية لتصويره، بينما أغلب المبتدئين يصر على إظهار مكتبته رغم ما بين الفريقين من بون شاسع. إن إظهار النعمة ينبغي أن يقرن بشكرها، وإحسان المرء في رحمة غيره بعدم العجرفة والتكبر أمر محمود بل هو واجب على كل ذي عقل لبيب.