كتاب الراىمنوعات

القلق العام / خاطرة 14

الميزان / الدار البيضاء: الدكتور سعيد الناوي

almizan.ma

القلق اندهاش القلب وتوتر الذات و انقباض النفس الذي يبعث على الغثيان والعياء والجهد وانتفاخ باب المعدة وضعف القوة…
دون أن يعلم الشخص سبب هذا التوتر و لا مرد انقباض النفس…
و لكنه حينما يتدبر ، يجد خوفا من غد مجهول و انسدادا لأفق طالما كان له أملا في تجاوز كل ما هو صعب أو قاتل.. يخشى غده كأن يومه الذي يتخبطه من غير جريرة…و كأنما هو برعم ينتظر القصف من ٱلة حصاد لا تميز البراعم في شيء، حبلى بشعار واحد جاء فيه أنها تقصف كل من تجد …
وكما هو حال القلق على غده المتغير في يومه، يكون حال من يرى بالحجة و الملموس صعود التافهين على ظهر المعيش بأشياء لا يمكن لها أن يبلغ بها الكسيح درج السلم الأول و لكن التافه قد بلغ…. لأنه تافه…! و لو لم يكن كذلك لطلب منه الإنتظار حتى تنكشف مواهبه و قد يموت و لا يرى الٱخر هذه المواهب لأن العين لا ترى المواهب …!؟
و لستم تشكون أن التفاهة ما كانت لترقى لولا أنها وجدت من يغذيها و ليس هناك من يغذيها أكثر من التسامح بشأنها و التجاوز عن أصحابها فتتقوى وتقف على سوقها و يغلظ عودها بسبب التجاوز و التسامح المذكور
و قد أمكن الحد منها إن لم نستطع وأدها و قد أمكن تجاوزها لولا التشجيع عليها بالتغاضي عنها و عن أهلها باسم الحرية… حتى صار التافهون يفتخرون بتفاهتهم و يعبرون عن لاخجلهم من جهلهم و أميتهم ،طالما ان الملاييين تتابع و الملايين تدفع نحو اغتناء التافه و التافهين..
و كلما تفنن التافه بتفاهته، كلما ارتفع الرقم و زاد الدخل و زاد القلق العام……
القلق العام من تواري العلماء
القلق العام من ضبابية الغد و كيف سنكون…… القلق العام من الٱتي المجهول…و نحن نرى كيف تبوأ الكثير ممن صدق عليهم القول … و نحن نعلم أن نظام الكون يعاقب المغفلين كما يعاقب المجرمين وفق نظام فيزيائي لا يخطئ فكل ما يقع يرتد بأثر و من غفل عن شيء ذي أثر، عوقب به،
و قد يرمي البعض قضاء حاجة، فيتحقق نقيضها،
و قد يأت القصد بغير صورة الهدف و لسنا ننتظر ان تبرهن الفيزياء عن أصلها لأن الفيزياء لا تغير قواعدها…
فكلما نامت العيون عن التفاهة ،كلما اتسعت رقعة التافهين و زاد القلق العام ،و كلما زاد القلق العام ، زاد المرض ،و كلما زاد ، تحولنا ،و كلما تحولنا،فقدنا السيطرة في مقاليد الغد. ….فمن أين نصنع الجندي الصنديد، و المعلم النحرير و القاضي اللبيب و الأمني الساهر و الطبيب الزاهر …..فلا تأكل الإجاص من غير شجرة الإجاص و لا الزقوم إلا من الزقوم و لا تكسب من التفاهة إلا أختها…!
سعيد الناوي غفر الله له و تجاوز عنه
الجمعة 4نونبر 2022

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى