العلامة الدكتور الأنصاري في مواجهة جهالات ناجي لمين
الميزان/ الدار البيضاء: بقلم الدكتور حمزة النهيري
almizan.ma
العلامة الدكتور الأنصاري في مواجهة جهالات ناجي لمين
الميزان/ الدار البيضاء: بقلم الدكتور حمزة النهيري
عرفت العلامة الدكتور فريد الانصاري رحمه الله لسنوات خلت، وقدجمعتني به مجالس علمية، عرفت منها نبله وعلمه وتواضعه في التسليم لاختياري الفقهي في مسألة من مسائل الفقه، والعلامة فريد الانصاري علم من أعلام المغرب الأقصى دون منازع، وكتابه المصطلح الأصولي مرجع من المراجع المعاصرة في علم أصول الفقه، وله كتابات علمية كثيرة في بيان منهج تلقي العلوم والطريق الصحيح في طلب العلم الشرعي في يوم كانت فوضى المناهج تنذر بخطر قادم في دنيا الأفكار، وقد ألهم الله هذا الرجل الفريد، فأطلق الله قلمه بالعلم مبينا ومحذرا، وله مشروع علمي خاص جعله للقرآن الكريم أبدع فيه غاية الإبداع بمجلدات ضخام ودراسات علمية متينة تنم عن علم وفهم وتحقيق تلقفها العالم الإسلامي بالقبول، كل ذلك بعد أن أكمل مشروعه في علم أصول الفقه حينما كتب المصطلح الأصولي عند الشاطبي، ليفتح المجال على مصراعيه للدراسات المصطلحية في فن أصول الفقه.
والعالم المشتغل بعلم أصول الفقه هو مشتغل باللزوم بثلاثة علوم: اللغة العربية- العقائد-الفقه والأحكام..
وله مشروع دعوي أصولي كبير يستفيد منه العالم وغير العالم، فالعالم يستمع لدروسه ومحاضراته الإيمانية، وهو يعلم أنه يستمع من عالم متمكن في اللغة والأصول والأحكام، وغير العالم يجد فيه العلم الموثوق و الهداية والإخلاص لله تعالى وصدق الحديث بما لايجده عند غيره، وذلك فضل الله تعالى يوتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
وقد حظي العلامة فريد الانصاري بثقة مولانا أمير المؤمنين محمد السادس أعزه الله ونصره، فكان له شرف الدرس الحسني المحمدي بحضرته، إسوة بإخوته العلماء الذين حضروا هذه المجاس السلطانية، مثل الشيخ العلامة بن بيه والشيخ يوسف القرضاوي والشيخ أحمد الريسوني والشيخ طه جابر العلواني والشيخ مصطفى بن حمزة، حفظ الله الأحياء ورحم الله الموتى، فهذا المجلس لايدخله إلا العلماء الأفذاذ الذين جاوزوا القنطرة، وقد كان العلامة فريد الانصاري منهم، كما كان على رأس المجلس العلمي بمكناس وأستاذا بالجامعة المغربية في علم أصول الفقه لسنوات طويلة.
وعرفت الأخ الدكتور الناجي الأمين بأخرة في معرض الكتاب، حيث دار بيني وبينه حديث عابر، فاستغربت جهله بوجود شيء اسمه علم الكلام الجديد، حيث لم يسمع بما كتب في هذا الموضوع فاحلته على الدراسات التي كتبت في الموضوع ومن بينها دراستين لي كتبتهما، وقد اهديته بعض كتبي. .
كما عرفت الدكتور الناجي الأمين من خلال مقاله الذي كتبه في الكتاب الجماعي حول تجديد أصول الفقه، وقد كان مقالا ضعيفا للغاية كتبت رأيي فيه يوم صدر الكتاب، وهو ما اثار غضبه حينها وقام بحظري على الفايسيوك بعد أن كان يثني على علمي وقلمي.
ونحن لم نسمع بتلك الرسائل التي أخرجها عن دار الكلمة إلا مؤخرا، وقد سبقته بنشر بعض كتبي عند تلك الدار، وهي في عمومها رسائل مهلهلة ليس عليها اثار الصنعة العلمية، إنما سمتها الحشو والاجترار، ويمكن لطالب علم في الدراسات الأولى من سنوات الإجازة أن يكتب أحسن منها.. في وقت كانت كتب العلامة فريد الانصاري يستفيد منها العلماء وطلبة العلم في المعاهد والجامعات وتعد مرجعا لهم.
وأنا لا أقول هذا انتصارا للشيخ فريد الأنصاري رحمه الله، بل هو الحق الذي لامرية فيه، ناهيك عن أسلوب الأنصاري اللغوي الكبير في اللغة والتعبير، وقد قرر الشاطبي أن العالم والناظر في الشريعة ينبغي أن يكون متضلعا في اللغة، وهذا بلاشك، يوجد في العلامة فريد الأنصاري، كيف لا وهو مع عالميته،-بكسر اللام والميم-من ادباء المغرب، ولعل المجلدات الثلاث التي كتبها عن مجالس القرآن تعرب عن قيمته العلمية والأدبية، وهو مالا يملك عشره الأخ الناجي الامين، الذي يريد أن يجعل نفسه في مسار الكبار الذين ينتقدون ابن تيمية ورشيد رضا ومحمد عبده، وهو-أي الناجي الأمين- لايصلح أن يكون تلميذا عند الأنصاري، فضلا عن أن يكون زميلا له، مع أن الزمالة الوظيفية لاتكون معبرة عن الحقيقة العلمية، فكم من الذين ساعدتهم الظروف في المناصب الجامعية كانوا تلاميذ لنا ولغيرنا، وهذا شيء معروف لانطيل بذكره.
وأنا استغرب من بعض الفضلاء الذين رأوا تجني الناجي على مقام العلامة الانصاري واكتفوا بالتلويح واستخدام عبارة مابال أقوام!!
وأسلوب – مابال أقوام أسلوب نبوي لكنه في غير هذا المقام، فالناجي تجرأ وكتب في الحط من الأنصاري وادعى أنه لايفرق بين العقيدة وعلم العقيدة، مع أن معرفة الفرق بينهما عند أهل العلم بدهي، وهو اصطلاح حادث عند المتأخرين لانجده عند المتقدمين، فطالع كتب الغزالي والباقلاني والجويني والديباجي وابن العربي وابن فورك وابن حزم في العقائد وانظر هل تجد هذا التفريق، وقد نبهت في مقال-لي- علمي محكم هذا البيان، حينما تعرضت لمفهوم مقاصد العقيدة وعلاقته بمفهومي العقيدة وعلم العقيدة.
وسينشر قريبا بحول الله تعالى.
وفيما ذكره العلامة الأنصاري في شريطه، واختياره لعقيدة مالك على عقيدة الأشعري فهو اختيار سبقه عدد من الأئمة، ورحم الله العلامة ابن عاشر حين اختار في نظمه فقه مالك وعقد الأشعري وتصوف الجنيد.
وقد كانت للعلامة فريدالانصاري ميول لعقيدة أهل الحديث، وهي العقيدة التي نصرها الأشعري، وتاريخ الأفكار نبأنا بأن الأشعري كان له خصوم من العلماء، منهم الإمام عبد القادر الجيلاني الذي أكثر من نقده، وابن حزم وعلماء كثر لايحصون عددا.. وهي كلها مذاهب سنية سواء مدرسة الأشاعرة أو مدرسة أهل الحديث مدرسة مالك أو مدرسة الماتريدية.. ، وقد فصلت ذلك في رسالتي للدكتوراه -العقائدية-.
وقد يطلق لفظ العقيدة فيراد به العلم ، كما قد يراد به العقيدة في نفس الأمر.. كما قد يتوسع فيها فيراد به مقاصدها..
لقد كان فريد الأنصاري من العلماء الذين نذروا أنفسهم للعلم والدعوة إلى الله، وهو أمر لايقوم به إلا الكمل من الناس، كالأنبياء والراسخين في العلم من أمثال ابن تيمية وابن الجوزي و الشيخ محمد عبده والشيخ عبد الحي الكتاني وغيرهم.
ومن الأخطاء التي يقع فيها الكثيرون تحقيرهم من أمر الوعظ، وقد نبه شيخ الاسلام ابن تيمية إلى أن الوعظ هو الأمر والنهي وهو ما احتوى عليه القرآن، وأن الأمر والنهي ينبغي أن يكون بعلم، وأغلب الوعاظ يمتلكون قدرا من العلوم به يبلغون أحكام الله، وهو عمل جليل بلاشك، والكامل من العلماء هو من جمع بين القوة العلمية والقوة الوعظية، وهذا ماتجده عند العلامة فريد الانصاري طيب الله ثراه.
ولم أكن لأكتب هذا المقال إلا ذبا عن عرض عالمنا المغريي الفذ فريد الأنصاري، كما أوجب ذلك ربنا ونبيا في وجوب نصرة المؤمنين حين تسلط الباغين والحاقدين ممن أعمى قلبهم الحسد والجهل المركب.
فالناجي الامين لايصلح أن يكون تلميذا عند الشيخ فريد الانصاري فضلا عن أن يكون قرينا له في العلم، اللهم أن يكون قريبا له في السن، مع أن السن ليس أمارة للفقه، فكثير من الناس مازادهم السن إلا بلادة وغباوة وسوء خلق إلا من رحم الله.
وقد رددنا عليه من قبل حينما تجرأ على نقد شيخ الاسلام ابن تيمية و مدرسة المنار فأتى بما يضحك منه أهل العلم، مستغربين ضحالة المستوى العلمي الذي اضحى عليه بعض المحسوبين على العلوم الشرعية.
ومن جهل الناجي بالعلم وكتب العلماء والساحة الفكرية المعاصرة، إطلاقه الكلام على عواهنه، دعواه- أن الدكتور فتح الله كولن الذي اثنى العلامة الأنصاري عليه في روايته وبعض كتبه-، زاعما ان كولن لايعرف القرآن والسنة!!
بكل سماجة وجهل.. ، ولكن جهل الناجي الامين بمؤلفات كولن هي سبب ذلك.. فكتابه في السيرة النبوية في مجلد ضخم، وفي السنة النبوية، وكتابه عن نظرية دارويين وماكتبه عن عصمة النبي وهو مبحث كلامي صرف وغيرها من كتبه ودراساته، تدرك أن الناجي الامين يقفو ماليس له به علم… وهو قطعا يجهل أن كولن هو من تلاميذ العلامة سعيد النورسي، ولو كان يدرك ذلك لما تجرأ، وكولن له الفضل في المدارس القرآنية في تركيا والتعليم العتيق، قبل أن تفسد السياسة علاقته بالرئيس اردوغان، وهذا شأن سياسي تركي خاص لا علاقة له بالعلم ولا علاقة لنا به، وقد أبدع الأنصاري في كتابه عن كولن..
ولله ثم للتاريخ فقد سألت كثيرا من الطلبة النبهاء الذين اضطرتهم الدراسة الجامعية أن يتتلمذوا التلمذة الأكاديمية الاضطرارية على الدكتور الناجي الامين، فذكروا لي انهم لم يستفيدوا علما وإنما راوا العجرفة وضحالة التحقيق العلمي، والله أعلم بالحقائق.
وهذه شهادة علمية لا تعلق لها بالاخوة الإيمانية، فالناجي الامين أخ يستوجب منا ماتتستلزمه الأخوة الإيمانية من النصح والنصرة، وهذه نصيحتنا له يوم ٱن تجرأ على نقد عالم مغربي باسمه له مكانة خاصة في قلوب المغاربة جميعا وقلوب أهلم العلم خاصة، فلا ضير علينا أن نذكره باسمه حتى نضعه في ميزان التقويم العلمي.
وفي الحديث لايعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذووه، وهو حديث حسن لغيره يحتج به في هذا المقام.
ويمكن أن نذكر ذلك بالتفصيل الممل من خلال تعريف طلبة العلم بماكتب وقيمته العلمية وضحالته العلمية بالنسبة لي ولبعض العلماء الآخرين الذين يعرفونه حق المعرفة.. إن اقتضى الأمر بسطا أكثر من هذا المقال فليس في العلم محاباة.
وقد طالعت ماكتبه الناجي الأمين من بحوث هزيلة، لايمكن بحال أن تقارن بما كتبه الانصاري في اصول الفقه ومشروعه في تقريب عموم الأمة من القرآن، فضلا عن رواياته الادبية، وهي دلالة على كمال مرتبته العلمية رحمه الله تعالى.
هذا وللحديث بقية، ونرجو أن يعرف المنقود قدر العلماء وأن النقد ينبغي أن يكون بعلم وأدب وليس بصلف وغرور.
وبينك وبين العلامة الأنصاري سنوات ضوئية من العلم والتحقيق والفضل والدعوة إلى الله بعلم.
د. حمزة النهيري