أيها الجبناء لقد عرتنا صورة الشهداء
الميزان/ الرباط: الدكتور محمد جودات
almizan.ma
أيها الجبناء
لقد عرتنا صورة الشهداء
الميزان/ الرباط: الدكتور محمد جودات
لم يجرؤ “مناضل” أو “خطيب جمعة” أو “حقوقي” أو “مثقف” على نعي بطل لم يعرف مثله زمن الذل والعار ولو في مجموعات الحوارات اليومية السخيفة عن اليومي والمهني.
استشهد الرجل في مشهد سيميولوجي أسطوري خالد في ساحة الجهاد دفاعا عن الهوية العربية والإسلامية وآخر تخومها. رغم إصابته في ذراعه وركبته بقي صامدا ووجه ضربته الأخيرة للمسيرة التي تراقبه بآخر ما يملك :”عصا”. وصورته شامخا لا يعرف الانحناء صارخا؛ كأنه يرفع الأذان تكبيرا. لم يطلب النجدة ولم يستسلم رغم جراحه؛ بقي “منتصب القامة” لا تذله الجراح ولا يخيفه عدو:
سقطت ذراعك فالتقطها واضرب عدوك بي..
كشف القناع عن القناع..
والذين فرحوا بهذه الصور للحظات الأخيرة وتوثيقها لم يدركوا أنهم يخلدون لأسطورة من الزمن الغريب الذي يتصدره الجبناء والأقزام. استشهد الرجل في الصفوف الأمامية مدافعا عن أرضه وقد تجاوز الستين من عمره بكوفيته حاملا أذكاره وسبحته وأسلحته البسيطة في مواجهة أكبر الدول. وهو بهذه الصورة التي فضحت كذب العدو المحتل النازي الجديد وادعاءاته؛ يجعل العالم صامتا من عاره الأبدي؛ وجبنه الغريب؛ كأن مجرد نعيه جريمة في زمن الجبن والعار والخزي: وكأن الجميع يرقبه الصهيوني ويكمم أفواهه… في وقت تتعالى أصوات الأحرار من الغرب إعجابا بهذه الشخصية التي تحارب المحتل. لأن المحتل في داخل الجبناء تحاصرهم مواقعهم ويحاصرهم جبنهم.
أيها الجبناء الذين تحتلهم أحلامهم الصغيرة لن تفلحوا والصمت عدوكم قبل كل عدو. وتأكدوا أن الذي منعكم من النعي تحولكم لنعاج تخاف الذئب وهو آكلها.
فقد (سقط القناع عن القناع) لأنكم موتى لم تستطيعوا أن تقولوا استشهد بطل هذا الزمان الفريد؛ ومنكم من قال قتل ولم يتجرأ على ذكر الاستشهاد لأن المحتل سيد المسميات ولأن العبودية هي من يحدد معجم هذا الزمان الرديء.
(أيها الأحياء تحت الأرض عودوا
فإن الناس فوق الأرض ماتوا)
محمد جودات