
almizan.ma
أطلقت الحكومات المتعاقبة مجموعة من البرامج الهادفة إلى توفير فرص الشغل للشباب وخفض نسبة البطالة في صفوفهم، لكن عددا من هذه البرامج لم يفض إلى النتيجة المتوخاة منه، بينما آلت أخرى إلى الفشل، على غرار برنامج “مقاولتي”.
هذا الأخير الذي تم إطلاقه سنة 2008 لم يفشل فحسب، بل إنه زجّ بمئات الشباب المغاربة في دوامة من المشاكل وصلت إلى رفع دعاوى قضائية عليهم من طرف المؤسسات البنكية التي مولت لهم مشاريعهم، بعد عجزهم عن تسديد الديون المترتبة عليهم، رغم أن الدولة وفرت لهم ضمانة لدى الأبناك بلغت 85 في المئة من قيمة القرض.
وتستمر الحكومات المغربية المتعاقبة في إطلاق برامج جديدة لتشغيل الشباب، غير أن نسبة نجاحها لا تزال محدودة الأثر، باعتراف المسؤولين أنفسهم، ومنها برنامج “انطلاقة”، الذي أقر والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، بأنه يعاني من ضعف على مستوى مواكبة حاملي المشاريع، ما أدى إلى تعثر تنفيذه.
في هذا الإطار، قال هشام معروف، باحث مختص في السياسات الاجتماعية، إن المشاريع التي تقدمها الحكومة لامتصاص البطالة في صفوف الشباب يجب إن يتم الإعداد لها بشكل جيد مسبقا، وذلك عبر التأطير القبلي للشباب المستفيدين من أجل ضمان نسبة نجاح عالية.
واعتبر معروف، أن غياب تأطير الشباب المستفيدين من البرامج الحكومية الخاصة بإنشاء مقاولات، “يدفعهم إلى المغامرة بدون رؤية واضحة”.
وتتفشى البطالة في صفوف الشباب المتراوحة أعمارهم بين 15 و24 سنة بنسبة أعلى من باقي الفئات النشطة؛ إذ تصل إلى حوالي 32 في المئة، بحسب المندوبية السامية للتخطيط، يأتي بعدها الأشخاص حاملو الشهادات بنسبة تزيد على 19 في المئة.
وبينما لم يحقق برنامج “انطلاقة” أهدافه، أطلقت الحكومة خلال شهر مارس الماضي برنامج “فرصة”، ويستهدف الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 18 عاما من حاملي الأفكار والمشاريع المقاولاتية، ويخصص له غلاف مالي إجمالي بقيمة 1.25 مليار درهم، بينما حُدد سقف التمويل، وهو عبارة عن قرض، في 100 ألف درهم.
وقال هشام معروف إن الشباب المقبلين على دخول عالم المقاولة لا يحتاجون فقط إلى رأسمال، بل يحتاجون قبل ذلك إلى المواكبة من أجل تحفيزهم على إخراج طاقاتهم بما يتلاءم مع ميولهم، مشددا على أن “المشاريع التي تُنشأ فقط كوسيلة للهروب من البطالة تفشل”.
ودعا المتحدث ذاته إلى الاستعانة بموجّهين وخبراء وباحثين اجتماعيين لمواكبة الشباب المستفيدين من البرامج الحكومية للتشغيل، من أجل توجيههم الوجهة الصحيحة بما يضمن لهم فرصا أكبر للنجاح، وأيضا كسب الثقة في أنفسهم، مبرزا أن عامل الثقة في النفس يعد أيضا واحدا من العناصر الأساسية للنجاح.
وحث معروف على التركيز على العنصر البشري، لأنه هو مفتاح نجاح البرامج الحكومية الموجهة لتشغيل الشباب، وذلك عبر وضع ميكانيزمات تمكّن من معرفة المجالات التي تتيح لهم النجاح بناء على ميولهم ورغباتهم، موردا أن هذه الآلية كفيلة برفع نسبة نجاح الشباب حاملي المشاريع من جهة، وصون المال العام من جهة ثانية.