سوق الفواكه بين غضب الطبيعة وجشع البشر
الميزان/ الرباط: بشرى عطوشي

almizan.ma
سوق الفواكه بين غضب الطبيعة وجشع البشر
الميزان/ الرباط: بشرى عطوشي
تشهد الأسواق المغربية عامًا بعد عام ارتفاعًا لافتًا في أسعار الفواكه، وعلى رأسها فاكهة الكرز المعروفة محليًا بـ”حب الملوك”.
كل سنة، يجد الفاعلون مبررات جديدة لتفسير هذا الغلاء، تارة بسبب الجفاف، وتارة أخرى بسبب العواصف الرعدية، وأحيانًا بذرائع “الندرة” و”التكلفة العالية للإنتاج”. وكأننا أمام حلقة حلزونية لا نهاية لها، يتحمل المواطن البسيط وحده عبء دورانها.
لكن خلف هذه التبريرات المناخية والتقنية، تلوح أسباب أعمق وأخطر، لا تتعلق بالسماء بل بسلوك البشر، وتحديدًا بعض الفلاحين الكبار والمضاربين والوسطاء. هؤلاء الذين لا يشبعون من الأرباح، ويتناسون أن البركة في القليل، وأن الطمع لا يأتي بخير. ولو اتقى هؤلاء غضب الله وقنعوا بما قسم، لعادت الأسعار إلى حدودها الطبيعية، ولسادت العدالة في توزيع خيرات البلاد.
تفاقم الوضع أيضًا بسبب التصدير غير المعقلن، حيث يتم تفضيل الأسواق الخارجية على الموائد المغربية، ويتم توجيه أجود المنتوجات نحو الخارج بحثًا عن العملة الصعبة، بينما يُترك المواطن المغربي يواجه أسعارًا ملتهبة وجودة متدنية. من الطماطم التي أصبحت حلمًا بعيد المنال، إلى طبق الفواكه الذي غاب عن مائدة الكثيرين، لم تعد الفلاحة المغربية “رأسمال الوطن” كما يُروج لها، بل أداة ضغط تثقل كاهل المستهلك.
إن المنظومة تحتاج إلى إصلاح جذري، يبدأ بالعدالة في التوزيع، ويمر عبر تنظيم صارم لعملية التصدير، وينتهي بضبط السوق وردع المضاربين. وإلا، فستظل الفواكه – وهي من أبسط مظاهر الحياة الكريمة – حكرًا على القادرين فقط، بينما يغيب طعمها من أفواه الأغلبية.