
almizan.ma
ليلة الخميس 12من أكتوبر 2022
مجرد أن يتخيل المرء أنه كان ينادي من خلف الباب على من يُعينه و لكن الذي يدعو لا يجيب بقول أو برمز أو بما يوحي أنه يسمع و يجيب…
مجرد أن يتخيل..
فالأمر مضن، والإنتظار قاتل والمفاجأة مرة، و كم أضاع الداعي من وقت و كم اصطبر وكم أنتظر ، و لا شيء كان خلف الباب!!؟
لابد أنه سيخرج بعنوان ملؤه الأسف على حسن الإعتقاد في غير موضعه، و الأسى عن ضياع الوقت و التأسف بسبب الغفلة من غافل و حسن الظن في غير محله !!
تضرع و سأل السراب و لم يعلم به إلا بعد حين من ظهر فصم ظهره….
و هو يظن أو يعتقد أن هناك قوة خلف الباب يسمع و يجيب!
و لم يكن يعلم أنه لم يكن خلف الباب إلا السراب ، و ما كان خلف الباب من الجهة الأخرى إلا غافل!
إذا كان هذا مجرد تخيل…
فإنه يمكن لنا أن نسأل عن السبب الدافع لهذا المنتظر السائل من خلف الباب ، لكي ينتظر وينتظر …
ما الذي جعله ينتظر و يأمل ويظن و يعتقد و يسأل ؟!
لابد أن وراء السؤال غاية لن يقدر على تحقيقها السائل و يعجز عن بلوغها أو دفعها فاضطر ليسأل ويتضرع….
و كم سألنا مثله ؟
و كم قلت “يا ربي عبدك ضعيف مغلوب فانتصر”…
إنه صراع الإنسان مع الحاجة والضيق و الصعب و المشقة والشدة و الظلم و الخلة….
كل له حاجة و موقف و قضية ومأرب….
إنه بلغة الفقهاء صراع البشر مع الحضارة و الطبيعة …
وبلغة صاحبي المتقاعد المنتهي إلى دريهمات زهيدة نهاية كل شهر ، هو صراعه مع مصاريف الدواء و المكري و جابي الماء والكهرباء الذي اقتلع عداد الماء والكهرباء قبل ليلة العيد بيومين فباع الخروف و أرجع العداد؟؟!
و بلغتي أنا هو الصراع مع الظلم و بلغة والدتي صراعها مع داء المفاصل و الركبة…
و بلغة الجميع هو صراعنا مع الموت، فيبدو أن الإنسان يحتاج إلى الله لرفع الصعوبة..
و لهذا أجد ذاتي كلما ذكرت ربي إهتزت للقائه لأراه و أحكي له عن من ظلمني ..
و لكل منا طلب أو أكثر عند ربه ولست أقدر على أن أشبه حاجتنا إلى الله كحاجة الولد لأبيه لما بين المقامين من بون و جلالة، فأثرك هيام و شطحات فرويد الذي يرى أن «مهام الإله أن يبعد عن الناس شرور الطبيعة. وأن يعطي الإنسان الرضى بالقدر. وأن يعوض الإنسان عن المعاناة والتضحيات التي يأتيها»… سأتركه يتلوى من ألم السرطان الذي ألم به و ليرى من يستعطف و يدعو لنفسه ليخفف عنه الألم….
نحن بخلاف من أنتظر وراء الباب فاكتشف أنه لم يكن في الجهة الأخرى من الباب سوى الريح وبعض الحصى و لا وجود لقوة تنفعه و لا وجود لمن كان يتضرع إليه…
نحن بخلافه….
نرفع أعيننا إلى السماء و أيدينا إليها، و كم حدث أن وضعت مقلتي على الأرض التي
تبتلع ظالمي و لكن فؤادي معلق بالسماء أرجو و أنتظر،
أستعطف و أنتظر،
أدعو و أنتظر .
و لو لم يتحقق رجائي فسأدعو وأدعو..
إلى غاية أن لا أكون..
و لو قيل لي أنه ليس هناك من تدعو…
دعوت و دعوت لأنه مالي إلا هو…
و أنا مؤمن به و ليس لي غيره لأختار…
سعيد الناوي غفر الله له و تجاوز عنه