almizan.ma
كشف وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، عن الدوافع التي جعلته يقرر مراجعة النظام الضريبي للمحامين، ما أثار ردود فعل غاضبة من طرف أصحاب البذلة السوداء، دفعت بالحكومة إلى التفاوض معهم والتراجع عن بعض المقتضيات التي تضمنها مشروع قانون المالية لسنة 2023.
وقال هبي في رده على استفسارات مستشارين خلال مناقشة الميزانية الفرعية لوزارة العدل بالغرفة الثانية للبرلمان، مساء أمس الإثنين، إن تقريرا دوليا أكد أن المحامين المغاربة لا يؤدون الضرائب، معبّرا عن استيائه من المبالغ القليلة التي يؤدونها لفائدة الدولة.
وتوعّد وزير العدل بمتابعة المحامين الذين لا يؤدون ما بذمتهم من ضرائب، قائلا: “عندما تدفع عشرة آلاف درهم لإدارة الضرائب في السنة (30 % من الدّخل)، فهذا يعني أنّ دخْلك السنوي لا يتعدى ثلاثين ألف درهم في السنة، ولكن لديك ڤيلا أو شقة وسيارة، سأتابعك قانونيا. سننتقل إلى هذه المرحلة”.
وذهب هبي إلى أبعد من ذلك واعتبر أن “الشخص حينما يكون له دخل أو أملاك وهو يشتغل في القطاع الخاص، ولم يبرر من أين جاءته هاته الأموال أو الأملاك، فإننا إزاء تبييض الأموال”.
ودافع وهبي عن المقتضيات الضريبية التي سنّها، معتبرا أنها “ستعطي وزنا وقيمة أكبر للمحامين”، وتساءل: “كيف لمحام أن يترافع في ملف دولي وينوب عن شركة عالمية إذا لم تكن وضعيته الضريبية سليمة؟”، مجيبا: “لا يمكن، لأن البنك الأوروبي لن يقبل تحويل أي درهم من المبالغ المالية التي حكمت بها المحكمة، لأنهم سيعتبرونها إما تبييضا للأموال أو تهربا ضريبيا”.
وفي الوقت الذي ما زالت فيه هيئات المحامين تحتج على المقتضيات الضريبية الواردة في مشروع قانون المالية، عبّر وزير العدل عن عدم قبول التفاوض مع أي هيئة، مشددا على أن الحكومة ستطبق ما جرى الاتفاق عليه مع جمعية هيئات المحامين، قائلا: “لا يمكن أن نتفاوض مع كل الجمعيات والهيئات”.
وعبّر عن عدم انزعاجه من احتجاجات المحامين، لكنه انتقد من وصفهم بـ”الذين لم يتكلموا”، في إشارة، على ما يبدو، إلى النقباء الذين عرَض عليهم المقتضيات التي تهم قانون مهنة المحاماة من أجل أخذ رأيهم في الموضوع، وتم تسريبها قبل عرضها على البرلمان.
وقال: “لم يستفزْني الذين تكلموا في مهنة المحاماة، ولكن الذين استفزوني هم الصامتون الذين لم يتكلموا، والذين يعرفون الحقيقة، وتركوا المحاماة في يد شباب لا يعرف بعد أين توجد مصلحته”.
وهبي انتقد أيضا طريقة تعاطي المحامين معه خلال المفاوضات بقوله: “يحز في النفس أن يتعامل معي النقباء بهذا الشكل، يتفقون معك اليوم على شيء، وفي الغد يقومون بمظاهرة أو يصدرون بيانا ضدك، وبذلك لم يستطيعوا الدفاع حتى عن المنطق، وقد سمعت كلاما مؤذيا وسكتت”.
ويوجد في المغرب 17 ألف محام، ثمانية آلاف منهم فقط هم الذين لديهم تعريف ضريبي، ولا يؤدي منهم الضريبة سوى خمسة آلاف، يدفعون عشرة آلاف درهم سنويا، وهو ما عبّر مستشارون برلمانيون، بمن فيهم محامون، خلال مناقشة مشروع ميزانية وزارة العدل، عن عدم قبوله، وإن أبدوا عدم اتفاقهم مع المقتضيات الضريبية التي جاء بها وزير العدل.
هذا الأخير اعتبر أنه “لا يهدف إلى معاقبة المحامين بالضرائب، وإنما طالبناهم فقط بتسوية وضعيتهم الضريبية، وما يهمنا هو استخلاص الضريبة”، مضيفا أنه قبل تقديم المقتضيات الضريبية الجديدة، أبلغ رئيس جمعية هيئات المحامين “التي هي الممثل الشرعي والوحيد للمحامين”، على حد تعبيره.
وهبي وجه انتقادات شديدة إلى نقابات المحامين بسبب عدم انضباط أعضائها لقرارات النقيب، قائلا: “الخطير في الأمر هو أن رئيس النقابة يتخذ موقفا، وبالموازاة يتخذ المحامون موقفا آخر، وهناك نقيب سابق يتخذ قرارا ويتم توقيعه على أساس أنه نقيب وهو ليس نقيبا”.