كتاب الراىمنوعات

هجوم السعاة / خاطرة

الميزان/ الدار البيضاء: الدكتور سعيد الناوي

almizan.ma

5 نونبر 2022

الساعي إلى الخير كالساعي إلى جنة عرضها السموات والأرض ؛
و الساعي إلى إشارة المرور و عمود الضوء الأحمر ساع إلى دريهمات تستقر في جيب واسع لا تسمع له حسا، و لا يحدث لوحده ركزا ، و لا ردحا و لا ترى له رسما و لا بابا، لأنه سريع خفي منتد من متوسط الفخذ إلى منطقة الركبة ، عميق عمق جبِ يوسف (بتشديد الباء) ، لعله يتسع لثلاثمائة درهم في الصباح من غير أن تتحرك الدريهمات أو تسيح أو تلتصق أو تقرع وجه أختها من الرضاع ، فتصطدم بعضها ببعض ، فيسمعها المارة أو يعلمها جنود المتسولين الٱخرين ، فتقوم القيامة بين عبيد الأضواء الحمراء و علامات “قف”، و كلهم حساد !!
و أسوأ العيون، عيون المتسولين لبعضهم، و أفتك العيون ، عيون هؤلاء المكرة و بغضها للقوم المتسولة بسبب التنافس “غير الشريف” !!؟
و لله در المتسول من أخيه المتسول !
فقد لا يرضى المتسول لأخيه و زميله و عشيرة المتسولين بأقل من عجلة غليضة من عجلات الشاحنات الكبيرة من نوع “عنتر” و “فورد عايشة ” تدهسه فينقص عدد المتسولين، و هو نقصان محمود لزيادة الفضل و تحديد سقف المتسولين و هذا أفضل من أن يتكاثر المتسولون ، فتشتد المنافسة، و بئس المنافسة من عدو متسول لا يخاف الله فيمن تسول مثله و تقاسم معه الصفة فكان متسولا ، قاتله الله أنى وجد و حيثما وقف بنهاية الشارع العام، و قد اختص بأفضل شارع طويل يمتد كيلومترات و كيلومترات يستطيع وحده عبوره من هناك كما يعتمره إبنه من هنالك، و تقطعه زوجته العوراء من هنا ، و ابنته النتنة من هناك … حتى احتلوا المكان وضيقوا على غيرهم و منعوا معشر المتسولين الٱخرين من التسول في مناطق الإمتياز و ساحات v .i.p…. و صار الشارع المذكور ملكا خاصا ينتظر إنتهاء مسطرة التحفيظ و التسجيل و التقييد و التوريث!!؟
“لقد نافسنا ذلك الغليض السمين بجيش من المتسولين و قد تقاسموا أمرهم بينهم لنحتلن الشارع وحدنا خالصا لنا من دون المتسولين….
فتوارثوها و زاد عدد المحتلين…
و فاق السيارات عددا و عدة و أشكالا و أحجاما و صار منهم العربي و الأعجمي و الأبيض و الأصفر و الأسود و الأنثى و الذكر و الطفل و الشيخ الكبير و الطاعن في السن….
و لو كان لي من الأمر شيئا لقدمت إلى و اقتلعت ألسنتهم و وضعتها حيث لا يخطر لك ببال، و قدمتهم كفتة إلى كلاب “ابا الطيبي” حتى لا يبقى إلا أنا وحيدا أتسول .. و لو كان لي من الدنيا نصيب، لشيدت مسجدا أتوسل فيه إلى الناس وحدي!؟… و لكن الدنيا “لعوبة”، و اليد قصيرة تعودت على الدريهمات المعدنية التي لا أقدر على مقاومتها و لا أتحمل فراقها إلا حينما تكثر ، فأضطر إلى صرفها أوراقا زرقاء و بنية، و عندي أن المعدن أفضل…..!!
لقد اجتهد الأعداء من المتنافسين و صاروا لا يتناوبون عل احتلال الشوارع… و اختصوا بها ، دائما و في كل حين ، يتحركون أكثر من الٱلات .. و السير و الجولان… إلى غاية انقطاع الحركة… و تلونوا
و كثروا ، واختلفوا زيا، و حركة ، و عرجا ، و عمى، و مرضا كاذبا زائفا ، و هم أقوى من الفئة الباغية و القوم الظالمين.. يبدون مسكنة و دروشة و هدوء ودعاء و إسلاما و نصرانية و رهبانية إبتدعوها ما كانت معلومة من قبل و لا كانت من أدوات التسول… حتى كثروا … و ازداد لهم أبناء متسولين… و كثروا و تفرقوا على المدارات و انتشروا ،
و لو كانوا شرطة و عسسا لانتظم بهم المسير و السير و الجولان لكثرة عددهم!!
و لكنهم شبه قطاع للطرق ، ترى ثم ترى أن تلعنهم بلسان كله ماء حارق و جمر مسكوب فوقه القطران و الحميم….. و قد صاروا لا يدعون لك و يطرقون باب سيارتك، و منهم من يدفع بيده نحو رقبتك، و منهم من يسائلك كأنك ناج من الغرق او الوغى ، و منهم من يواجهك و كأنك اغتصبت جيبه و تأبى تعويض الجيب السحيق… يتلقى بالشمال و باليمين و يتلقى… مثل ما تلقى في الصباح حسب أهمية المدارة و طول الشارع .. حتى خيم المشهد على مدراتنا و غطى على إشارات المرور…. و صار منهم الفقيه ذو الجلباب و القميص…
و الضعيف شكلا من غير ضعف ،
و ذو العيال و لو على وجه كراء الصغار، و مكسوري الأرجل راحة و رضى من عند أنفسهم كأداة من أدوات العمل ، و الأرملة من غير أن تتزوج ، و المريض من غير رغبة في التطبيب ، و المعلم للصبيان المتسولين بمعسول القول و تقنيات مسح زجاج العربات حتى ترقى منهم الكثير و اعتلى و تثقفٓ و احترف و صار متسولا إلكترونيا….
سعيد الناوي غفر الله له و تجاوز عنه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى