كتاب الراىمنوعات

حبة فوق و حبة تحت/ خاطرة

الميزان/ الدار البيضاء: الدكتور سعيد الناوي

almizan.ma

18 فبراير 2023
كم ترنح المولعون القدامى على إيقاعات مختلفة جميلة و إن كانت حزينة ،ومنها مقطع “حبة فوق و حبة تحت” ، حين ينادي المنادي على من هم “فوق” بأن يرحموا من هم “تحت”، و هل ذنب الذين هم” تحت” أنهم “تحت “، و هل ينقنون منهم أنهم”تحت “؟
و ما الذي يميز الذين هم “فوق” و إن كانوا “فوق”؛؟! فسيأتي وقت من كان “, تحت”ليصبر “فوق”،
و تلك الأيام يداولها آلله بين من كانوا “فوق”ثم صاروا “تحت”،
و صار من كان ترابيا علويا… فالفرق في الزمن ليس إلا.
الذي كان ينادي على “الفوقي” ، كان محبا مغرما ولهانا متيما غارقا في بحر الحب إلى أن انغمس فيه، و لم يكن محتاجا فقيرا معدما منهوكا مظلوما و ربما حتى مغصوبا…
الخطير أن يبتعد “الفوقي” بعبدا عن “التحتي ” ؛ و لا يلتقيان إلا عند الخضار و الجزار و البزاز… فيأخذ ” الفوقي” ما وجد ، ويرجع التحتي يحك شفتيه و لسان حاله يقول “آلله يقلبها.. فنطلع فوق و لو ليوم ؟!”..
حاله حال ذلك الممثل المعدوم و قد أتيحت له فرصة التمثيل مع الكبار ممن هم “فوق.”. كان مجرد فيلم عن حياة الرسول و كان المشهد لمجموعة كفرة يسبون محمدا و يدبرون لقتله بضربة كافر وأحد فيتفرق دم النبي بين القبائل ؟!
و كان في الضفة الأخرى بعض الممثلين لدور المؤمنين المغلوبين المقهورين من أمثال ساقي الماء و حامل الدلاء بلال ، و ياسر بن عمار، و ابن مسعود….
مشهد في مواجهة مشهد:
مؤمنون ضعاف و بين أيديهم بعض ماء و ثمر.
و كافرون و بين أيديهم دجاج طازج و لحم تيس و غزال و نبيذ أحمر و لربما كان rouge bordeaux ، لأن المشهد و إن كان لتخليد القديم ، فإنه بتاريخ 18فبراير 2023؟؟!!
و لأن صاحبنا معدم ، فقد أختار أن يكون من أصحاب الدجاج الطازج و لحم التيس و النبيذ.. أن يكون كافرا في التمثيل فقط ، و لكن المخرج لم يختره لكي يكون كافرا لضعف بنيته و شعت لحيته و سمرة لون وجهه بسبب شمس الدروب و الأزقة، و ما أقسى الشمس على الضعيف ، و كأنها هي أيضا من المتكبرين أو ممن يطلق عليهم “والدك صاحبي”، فلا تلفح إلا الضعفاء، فيبدون سمرا أو شبه سود خلاف من هم “فوق”.. لا تلفحهم.. و لا تقدر عليهم.. وجوههم نظرة ناظرة كأنها مصنوعة من مسحوق gerlain ؟!
المهم أن المخرج رفض هذا الممثل لكي يكون كافرا… و لكن الممثل طلب و توسل و طلب ثم توسل لكي يكون كافرا و لو لمرة واحدة!!
و لأنه تسبب في تعطيل تصوير المشاهد كلها ، فقد دفع به المخرج لكي يكون كافرا.. حتى إذا صار من الكافرين ، إرتمى على الدجاج و النبيذ و غزا غزوة المسلمين في الكفار و لو أنه كافر بالتمثيل يحارب المسلمين ؟؟
نهش الدجاج نهش منتقم جبار ، لأن الدجاج طغى و تجبر و صار بثمن عشرين درهما للكيلو الواحد و هو حي”إبن الكلب!؟” .. ثم ارتوى من نبيذ فرنسا و انتقم منها لنزقها الجديد معه و مع بني جلدته حتى صارت ترفض كل طلبات المغرب…
حتى إذا كفر و ملأ فمه ، نظر إلى المخرج و قال “نقتل محمدا… نضربه بالسيف… ضربة كافر واحد..”
تمثيل الكفر ليس كفرا، و الممثل ليس كافرا ..الكافر هو الغلاء… هو … هو… و لست أنا.. و لا الممثل…
سعيد الناوي غفر الله لك و تجاوز عنك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى