سحب ملف الصحراء من اللجنة الرابعة: معركة السيادة تدخل فصلها الأخير؟
الميزان/ الرباط: متابعة

almizan.ma
سحب ملف الصحراء من اللجنة الرابعة: معركة السيادة تدخل فصلها الأخير؟
الميزان/ الرباط: متابعة
يُثار في الآونة الأخيرة جدل متصاعد بشأن احتمال سحب ملف الصحراء المغربية من اللجنة الرابعة للأمم المتحدة، وهي الهيئة المكلفة بتصفية الاستعمار. ورغم أن هذا السيناريو لم يُفعّل رسميًا بعد، فإن مجرد تداوله بهذا الزخم، يعكس تحوّلًا استراتيجيًا في التعاطي مع هذا النزاع المفتعل، ويمهّد لمرحلة جديدة قد تُنهي إحدى أطول القضايا الإقليمية التي استنزفت طاقات سياسية ودبلوماسية لعقود.
تاريخيًا، وحرصًا على إنصاف الحقيقة، فملف الصحراء لم يُدرج بالأمم المتحدة نتيجة مطالبات من جبهة البوليساريو أو الجزائر، بل جاء بمبادرة مغربية سنة 1960، حين كانت المنطقة تحت الاحتلال الإسباني. أدرج المغرب حينها أقاليمه الجنوبية ضمن لائحة الأقاليم الخاضعة لتصفية الاستعمار، في إطار التأكيد على حقه في استرجاعها كجزء لا يتجزأ من وحدته الترابية.
اليوم، وبعد عقود من الاسترجاع الفعلي للأرض، ومع التحولات السياسية والميدانية العميقة، لم يعد من المنطقي استمرار إدراج الصحراء ضمن قضايا التصفية. فالمغرب لم يعد يطالب فقط، بل يُمارس السيادة، ويستثمر، ويعمّر، ويبني نموذجًا تنمويًا غير مسبوق بالصحراء، في ظل إجماع وطني ومساندة دولية متنامية، لا سيما بعد التحول النوعي في الموقف الإسباني، باعتبارها القوة الاستعمارية السابقة، والتي أصبحت تدعم بشكل صريح مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.
إن سحب ملف الصحراء من اللجنة الرابعة، في حال تحققه، لن يكون مجرد تعديل إداري أو تقني، بل سيمثل منعطفًا سياسيًا ودبلوماسيًا بالغ الدلالة. إذ سيكون بمثابة إعلان أممي بأن قضية الصحراء لم تعد مسألة تصفية استعمار، بل شأنًا داخليًا مغربيًا خالصًا. وهو ما يُسقط ورقة “الشعب الصحراوي” من المعجم السياسي للأمم المتحدة، ويجرد البوليساريو من صفة “حركة تحرير”، لتتحول إلى تنظيم مسلح انفصالي يحتجز مدنيين فوق أراضي دولة أخرى.
أما الجزائر، باعتبارها الطرف الداعم والمسلح والممول، فستجد نفسها في موقف لا تُحسد عليه أمام المنتظم الدولي، خاصة في ظل المعطيات المتزايدة حول تورط الجبهة في أعمال عدائية وانتهاكات جسيمة، قد تبرر تصنيفها ضمن التنظيمات الإرهابية، وتصنيف الجزائر تبعًا لذلك كـ”دولة راعية للإرهاب”.
وفي حال مضت الأمور في هذا الاتجاه، فإن المغرب سيكون قد ربح الجولة الحاسمة في معركة السيادة، وقد يُصبح مشروع الحكم الذاتي نفسه مجرد خيار تجاوزه الزمن، لصالح تكريس نظام الجهوية المتقدمة، على غرار باقي جهات المملكة، دون حاجة للجلوس مع من فقد شرعية الأرض والتمثيل.
لكن، لا بد من التأكيد أن هذا المسار لا يزال قيد التشكل. فملف الصحراء لا يزال ضمن أجندة اللجنة الرابعة، وسحبه يتطلب تعبئة دبلوماسية ذكية، وتحالفات وازنة داخل الأمم المتحدة، خصوصًا أن بعض الدول ما زالت تشتغل بمنطق الحرب الباردة أو تعقد رهاناتها على الابتزاز السياسي.
الخلاصة، أن المغرب يقترب من طيّ هذا الملف عبر القنوات الأممية ذاتها التي فُتح فيها. وإذا نجح في ذلك، فسيكون قد حقق مكسبًا دبلوماسيًا نوعيًا، يعادل انتصارًا ميدانيًا، ويؤسس لمرحلة ما بعد النزاع.