بهجة العشر ومواسم الرحمة
الميزان/ الرباط: بقلم/أ. عبده معروف

almizan.ma
بهجة العشر ومواسم الرحمة
الميزان/ الرباط: بقلم/أ. عبده معروف
مِن رحمةِ اللهِ عزَّ وجلَّ بعباده، وواسع كرمه، أنْ مَنَّ عليهم بمواسمَ يتنزّل فيها الفضل، وتُضاعف فيها الأجور، ومنها: *الأيام العشر الأول من ذي الحجة*، تلك الأيام التي قال فيها رب العزة: “وَٱلۡفَجۡرِ(1)” “وَلَيَالٍ عَشۡرٖ(2)” (سورة الفَجْر)؛ فأقسم بها تعظيمًا لشأنها، ورفعةً لقدرها، ومع فجر أول يومٍ من هذه العشر، تتنفس الأرواح نسيمًا من نور، وتفتح السماء أبواب الرجاء، وتستعد الأرض لموكب التوبة، وتعلو التكبيرات كأنها ترانيمُ الأرواح العائدة إلى الله. تُسمع “الله أكبر” على الشفاه، لكن صداها في القلوب أبلغ، تهزّ وجدان الغافلين، وتُبكي أعين المشتاقين، وتغسل الصدأ عن القلوب المتعبة؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: *”ما من أيَّامٍ أعظمُ عندَ اللهِ، ولا أحبُّ إليهِ العملُ فيهنَّ، من هذه الأيَّامِ العشرِ، فأكثروا فيهنَّ منَ التَّهليلِ، والتَّكبيرِ، والتَّحميدِ”* (رواه الطبراني).
وفي هذه الأيام، يُصبح الذكر حياةً للقلب، ونورًا للصدر، وسكينةً في زمن القلق؛ فالتكبير يقينٌ يُسكن الروح، واستسلامٌ لعظمة خالقها، من كبّر الله عظمته الدنيا، ومن نسي ذكره أرهقته الأعباء.
قال الشافعيّ رحمه الله:
*إذا اشتد أمرٌ فتوكل على الذي
به انفرجت كل الشدائد وانقضت
وكبّر فإن الله يكفيك ما مضى
وما سوف يأتي، فالحياةُ له هبة.*
وفي هذا الموسم الجليل، *تقرّب إلى الله بكل ما تستطيع*: صلاةً، وصيامًا، وصدقة، وصلة رحم، وبر والدين، واستغفارًا، وتكبيرًا لا ينقطع؛ فيا من ضاقت بك الدنيا، ويا من أثقلت الهموم صدرك، كبّر بقلبك، وذكّر نفسك أن الفرج قريب، وأن الذكر مفتاح السرور، وأن الله لا يُخيّب من طرق بابه، *كبّر.. فإن الله أعظم من كل هم، وأقرب من كل بعيد.*