السياسيةالقانــونقضايا المجتمعكتاب الراىمنوعات

مات المُعلم.. وعاش طوطو

الميزان/ الرباط: مـصـطـفـى الحجري

almizan.ma

مات المُعلم.. وعاش طوطو
الميزان/ الرباط: مـصـطـفـى الحجري
في ذات اليوم الذي انتحر فيه معلم خوفًا من قطع رزقه بعد عرضه على المجلس التأديبي، أعلنت وزارة الثقافة تنصيب رمز التفاهة و”تخسار الهدرة” كأكبر مؤثر في المغرب، بل ومنحته جائزة مالية.
التقاطع بين الواقعين يلخص الوضع الذي وصلنا إليه، ويكشف أننا نحفر في القاع بعد أن تجاوزنا بكثير “سطاج” جيل الضباع الذي حذّر منه الراحل جسوس، إلى تبنّي سياسة عمومية تصرف الملايير بسخاء لخلق جيل من التافهين.
اليوم، هناك معاول كثيرة تجتهد لهدم ما تبقّى من منظومة القيم تحت غطاء الحداثة المفترى عليها، عبر مهرجانات وتظاهرات تواكبها وجوه تسعى لجرّنا لنقاشات ووقائع هامشية، تجعل من شخص يحمل لقب “طوطو” – على سبيل المثال – ناطقًا بأفكار ورغبات أغلبية الشباب المغربي، ومن يعترض يتم رميه بتهم الظلامية والتحجّر ومعاكسة تغيّرات المجتمع.
من يقومون بهذا النوع من “تابراحت”، والذين تصدّروا المشهد مقابل رواتب سمينة، صاروا يبحثون في قمامة المجتمع عن عاهات لتسويقها في مواقع التواصل الاجتماعي، والتعامل مع الرأي العام كقطيع يسهل توجيهه.. والعملية ليست طارئة بل انطلقت قبل عقد من الزمن ووصلت ذروتها.
اليوم، كيف نقنع طفلًا باعتناق المبادئ التي تربينا عليها، وهو يسمع كيف انتقل الكلام النابي من الشوارع إلى عمق البيوت عبر أغاني يتم بثها في قنوات رسمية؟ وكيف نقنعه بأن يجتهد في دراسته “باش يطلع شي حاجة”، وهو يعاين كيف أن شخصًا رأس ماله هو السب والشتم والتنقيص من الآخرين قد تحوّل إلى بطل تحتفي به وزارة الثقافة، ويتم استقباله من طرف نخبة المجتمع كـ”فاتح عظيم”؟.
ما وقع في ليلة عاشوراء هو رسالة واضحة: من يزرع الريح يحصد العاصفة، ومن يسعى لبث سمّ التّكليخ والتسطيح وجعل التفاهة رمزًا للمرحلة، سيجد نفسه عمّا قريب في مواجهة مدّ قد يجرفنا إلى ما لا تُحمد عقباه…
كثير من الإشارات تؤكد أن الكثير من الأمور في هذا البلد ليست على ما يرام..
تذكروا فقط ليلة الهروب الكبير…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى