السياسيةقضايا المجتمعكتاب الراىمنوعات

” الموت يحتاج للمال” خاطرة

الميزان/ الدار البيضاء: د.سعيد الناوي

almizan.ma

” الموت يحتاج للمال” خاطرة
الميزان/ الدار البيضاء: د.سعيد الناوي
قال لي صاحبي أنه توجه تلقاء الصيدلية، فوجد فيها امرأتين، قدمت إليه إحداهما علبتين من دواء بثمنين مختلفين ، رغم أنهما يوصفان لنفس الداء.!
صحيح أن تقديم العلبتين لنفس الداء ، يدل على أن صاحبنا لم يراجع الطبيب، و لم يصف له هذا الأخير شيئا، و لهذه الحال ، وحدة وقفة تأمل، تفيد أن الجيب ليس مثقوبا ، لأن وجود الثقب يعني سابق الامتلاء، بل هو مهجور من زمان و مبتلى بلللاشي من زمان
و أولى له ثم أولى، أن تتم خياطته تماما ، و غلق فتحته مطلقا، لأنها لا تصلح حتى لوضع اليد فيها!
لقد كان وضع اليد في الجيب من أدوات ” الشعور بالذات “، ثم أصبح ذلك من العنتريات البائدة.!
المهم أن صاحبي أمام علبتين من الدواء، ثمن إحداهما ، جعله يقفز من موضعه، بعد أن قفز الفؤاد، لينزل شيئا إلى منطقة المعدة،
فانطلق لسان صاحبي بدون تفكير و لا تقليب للثمن في رأسه، و قد انتابه الخوف متسائلا”: آ شنو”!؟
صحيح أن هذه الجملة ” الشعرية” لا يفهم معناها غيرنا، في منطقة ما من مناطق العالم الأخرى؛ بل إن طريقة نطقها مختلفة من شخص لآخر، بحسب حاله، و سنه ،و “نحسه”،
و جفاف قدميه ، و اصفرار وجهه
أو زرقة وجهه ،إلى حد لا يشبه الزرقة، بل في لون يعاند الكبد؛ و الذي لا تستطيع أنت أن تحدد لونها!!.
كذلك وجه بعض الخلق؛ من فرط ما أصابه من عض الفقر!
الأهم أن هناك من يقدم بين يديه قولا تمهيدي، ا قبل أن يسأل بلحنه و طريقته عن سبب غلاء علبة الدواء.
من الناس من يتأفف ، فتسمع منه صوتا نفاثا مكونا من” أف”، مع إطالة الألف و تسكين الفاء ،
و بعض من سخونة الفم المتزوج بالصوت.
هناك من يتأوه ..
و هناك من “يتنوح”!؟
، أو ” يذغذغ حنجرته بحرف حارق ،مبناه “ح ح ح ح”،
يطيلها و يلسعها بسخونه هواء منبعث من فم مفتوح ، لأن الحاء فاتحة للفم! ، خلافا للحاء الأخرى، التي تستلزم إغلاق الفم و ” حنحنة” الحنجرة. !
بينما “أحنحن ” أنا ، بحرف آخر ،و أزوجه بالحاء، لتسمع مني” أ.ح”؟!
أهم ما في المشهد ، أن صاحبي جمع إليه العلبة الأرخص، قبل أن يخاطبها، بأن هذه هي ” اديالي”،؛”حنينة “، و “اضربفة “،
ثم يسأل إحدى السيدتين: ” و لماذا هذه الأخرى غالية”؟؟، ثم صار يفرك بعض الأوراق المالية و يعدها لأكثر من مرة؛ ليأخذ الأولى، لكنه على غير عادته، قد خرج من الصيدلية مقلوبا، بالوراء حتى خرج من بابها بالمشي بالوراء دون أن يخرج منها كما هو منتظرا؛ بأن يدير ظهره و يتوجه تلقاء الشارع العام بوجهه، فاختار أن يوليه الظهر، بالمقلوب..لأنه مقلوب منذ أن أخذته المولدة من قدميه و قلبته رأسا إلى تحت، و قدمين إلى السماء…لربما أن صاحبي يحاول تجريب المشي بالمقلوب…فيعود إلى المولدة، لعلها ترحمه بخنقه..ثم تتكلف بدسه في مكان غير معلوم ، إن لم تر ضرورة للدفن..فحتى الموت يحتاج منك للأداء..ام أنك تريد أن تموت بدون مقابل؟!
سعيد الناوي
غفر الله له و تجاوز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى