كتاب الراىمنوعات

“الدوخة ” خاطرة

الميزان/ الدار البيضاء: الدكتور سعيد الناوي

almizan.ma

3 أبريل 2023
الدوخان نتيجة و أسبابه عديدة ،
فقد يدوخ المرء من رضخة مع وجه الأرض، و قد يدوخ إذا نهض من مرقده في خطفة واحدة ، و قد يدوخ إذا دي يده في جيبه و أطال المد و حرمها ذات يمين الجيب و شماله ، فتخرح صفراء و كأنه نسي شيئا في الجيب و ما هو إلا دائخ!
و قد يدوخ إذا سكر ، أو ذاق ما يجعل الدوخة قريبة منه أو أختا له من الرضاع..
و قد يدوخ إذا اجتهد و لم ينل، أو اجتهد و عوقب !.
و قد يدوخ إذا فاق استهلاكه مدخول يومه أو اسبوعه أو شهره ،
و قد يدوخ إذا غلا ما كان تحت تصرفه و طاقته…. فأصبح عزيزا و منه البصل الذي و إن كان لا يصلح إلا لتوعية الدائخ إذا داخ و بعض من المرق المحروم من اللحم. فقد غلا ثمنه و صار البصل ذا بال و همة و شأن…
و لهذا جاءت الدوخة بلسان الحال مفردة دون جمع”دوخةُُ” ،فيقال الدوخة بالتاء المربوطة لأنها مسخوطة ، لا يتم جمعها في صيغة الجمع و لا تجد لها مصدرا إلا عند بعض أصحاب الدوخة الأنفية من أهل الدوخان رخيص الثمن ، لأن بني جلدتي أدرى بالدوخة، فقالوا إنها “الدوخة” , ولكل له دوخة، فتتعدد الأسباب و الدوخة واحدة !!
لقد تعددت أسباب الدوخة و لهذا تعجب صاحبي أن لماذا الأغلب دائخ و لهذا قال لي أن سبب الدوخة هي الكرة الأرضية!؟
الكرة الأرضية كرة بيضوية و نحن إما فوقها نتدخرج و لا نسقط،
أو تحتها حينما تدور و نتدخرج ثم لا نقع…و دائما نتدخرج و لا نقع!!!
دائخين و ممسوكين؟!
و لأننا نحمد الله على عدم الوقوع و السقوط في هواء الكون ، فقد بقيت الدوخة في كثير الكثير سبب دوران الأرضو كورية الأرض ، و لكل نسبة منها ، لا يستطيع أن ينفك عنها أو دفعها عنه و لهذا تأتيه الدوخة بعثة و بدون سابق إنذار.
أذكر أنني أحسست بالدوخة وأوعزت بها إلى معدتي ، لأن المعدة بيت الدوخة و الداء ، و لكن صاحبي أدرى ، ليست المعدة هي السبب أو الأداة..و ليس الغلاء و ليس الحرمان أو الإنتظار القاتل أو المرض أو ضعف الحال أو قلة العزيز أو شح الرضاب او جفاف العيون أو ضيق الصدور أو العقوبة مع الإجتهاد أو الإقصاء مع حسن النية أو كل ما يتخيل لك أنه سبب الدوخة لديك…..
إنها الكرة الأرضية.. لأن الدوخة كثرت و تعددت و “عيقات”! و لم تجد من يحكمها… و عندي أنها لو كانت عازبة لزوجتها “بالدوخ ” فتنشغل به و معه ،و يدوخ الذكر مع الأنثى و تخف “دوختنا ” نحن البشر!!
و لو كانت متزوجة ، لطلقناها منه.
و لو كانت لقيطة ، لجعلنا لها كنية و إسم أب من أسماء العبودية لله و أما ، و لو كانت بتراء ، لصنعنا لها أبناء من المحرومين و هم كثر.
و لو كانت أما لهم ، لوزعناهم على إشارات الضوء الأخمر ليتسولون كالقوم يضايقون المرور و العربات و يلوون ألسنتهم بلسان سوري ، حتى لأن منهم من لون لسانها بالطلب ،فلما أفل , و لم ينفحها دعت عليه بلسان مغربي مبين “الله يعطيك كسيدة”….
الإشكال أن هذه “الدوحة “ليست انثى و لا ذكرا و لا يتيمة و لا مهملة و لا إنسا و لا جانا و لا شيئا ماديا يمكن شنقه أو حرقه… أو أخذه من خناقه في عملية “الخنق باليد” و “عصر الوريدين” و عظ الأنف مما كان يفعل بعض صعاليك”درب ميلان”!!
لا أحد يستوعب الدوخة و ما إذا كانت خاصة بالمكسوحين أو المعدومين أو الحفاة العراة أو قوم الجياع أو زبانية الفقر….إنها عامة مع اختلاف بسيط ، هو أن دوخان الطبقة أعلاه من المقهورين دائمة h 24 ….
و أسبابها مجهول بعضه ، معلوم نصفه، و ما بين البعض و النصف شيء أقل من النصف و أكبر من البعض… لا يزال “يدوخ العقول”
فلا تزال الدوخة “تعشش” في أدمغة طبقة المستوى الثاني هواة.. للهواة في ملعب الحياة حيث دوران الكرة الأرضية أسرع و هذا سبب الدوخة الثقيلة الدائمة التي تعيش مع لاعبي و مكونات و جمهور فريق المستوى الثاني هواة.. و لو كانت كرة ، لولجت فيها سكين المطبخ ذو العروة “البرتقالية” ، الذي طالما جرحني في يدي رغم صغره… فإذا تمكن أحدكم من الدوخة، أو تمكنت جميعنا منها، فليأخذ كل منا بجزء منها
و من لم يجد كيف يفيتك بها ، فليدخل أسنانه فيها و لا يتركها حتى أوافيه بسكين المطبخ….
سعيد الناوي غفر الله لك و تجاوز عنك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى