السياسيةالقانــونقضايا المجتمعكتاب الراىمنوعات

… من جهلها… مغرب بوعيين

الميزان/ الرباط: الدكتور محمد جودات

almizan.ma

… من جهلها… مغرب بوعيين
الميزان/ الرباط: الدكتور محمد جودات
عندما تسمع لامراة بسيطة في حوار عابر عبر شبكات التواصل وهي تتحدث بحرقة وقلق عن مواجهة أفراد الأمن للمغاربة وتحليلها وهي امرأة بدون انتماء سياسي وبلباس شعبي متواضع؛ ستدرك أن الوعي وتحليل الواقع لم يعد بيد القابعين خلف المكاتب الذين غابوا عن الحياة وشغلتهم الصفقات العمومية والإدارة حتى منعتهم من مجرد معرفة مايدور… وهنا أشير صراحة لأحد الوجوه الوزارية اللامعة التي صدمت كل المغاربة عندما صرحت في حوار تلفزي أنها ليست على علم بمطالب جيل z ولم تسمع بها؛ في وقت ملأت أصداؤها كل الشبكات الاجتماعيه العالمية.. مفارقة عجيبة تكشف مغربا بوعيين: مغرب امرأة شعبية بسيطة -من المدينة العتيقة التي طالها قرار المنتخبين بهدم مسكنها- تقول أننا قدمنا أبناءنا المشتغلين بالأمن والجيش.. للدفاع عن الوطن وليس لمواجهة إخوانهم في الشارع؛ ولا ليتخذوا أذرعا بشرية للدفاع عن الفساد؛ ويكونوا فرجة أمام العالم، وتنتقد السياسة الحكومية وهدم مساكن الناس بدون تقديم حلول بديلة وغيرها من القضايا..
وهي تعبر عن وعي يضع الاحتجاج في مسار المسؤولية، لأنها تسيج كلامها بتوجيهه المسؤولين الذين تحملوا المسؤولية وتحولوا عنها، ثم تختم بأن المغاربة وطنيون حتى النخاع ومحبون لوطنهم وملكهم.. وكأنها ترسل رسالة للذين يمتهنون فن ربط الاحتجاج بالخارج وتغيير مسارات الاحتجاج بتأويلات تحرض على إسكات الأفواه وتكميمها؛ لأنها خطر على الكراسي التي نسيت وظائفها ومهامها..
هذا الوعي الذي تقدمه هذه المرأة البسيطة دون خوف للإعلام؛ ودون ماكياج؛ أو تحضير؛ يجعل المسافة كبيرة مع وعي وزير لم يسمع بالمطالب الشعبية لجيل z. ويقولها صراحة أمام عدسات التلفزة بعد تحضير وماكياج ورابطة عنق صارت رابطة عنف. وهو بمنطق التعالي على الواقع يهاجم الصحفي الذي يخبره بمطالب الشباب على الهواء بطريقة وقحة.. وهي وقاحة وعي تبنيه المؤسسات التي تغرد خارج الواقع عندما يسخر وزير أمام الكاميرا بالمحتجين.. وهي صور لا نحتاج إلى أدوات سيمولوجية لتحليلها؛ لأن أبسط المواطنين التقطوها وعلقوا عليها كما علقوا على علامات البهجة والسرور في أول ظهور للحكومة وهي تلتقط صور تذكارية بأزياء الفرح والعيد البيضاء؛ والتي لا يرتديها المغاربة إلا تعبيرا عن الفرح؛ عوض أن يرتدوا لباس الحزن والحداد عن الضحايا.
تعبيرات الحقيقة ووعي الناس بها اليوم كسرت حاجز الخوف الذي تربى فيه الأجيال قبل جيل z. ووعي المسؤولين الذي لا يزداد إلا استهانة في كل خرجاتهم الإعلامية لايؤكد فقط صورة مغرب في سرعتين من منظور آخر؛ بل يفشي أسرار أحزاب كشف القناع عن وجهها الحقيقي الذي أنتج هؤلاء.. وهذا يطرح سؤالا مصيريا ليس فقط في وصف احتضارها- الذي أشرنا إليه في أكثر من مناسبة؛ لأن سرعتها ضعيفة جدا وزعاماتها المزعومة فاشلة- بل في خريطة جغرافية جديدة تصر على رفض الأحزاب والحكومات؛ وتعود إلى منطق الوطنية والتشبث بالملكية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى