almizan.ma
الحكمة الرابعة :
أرح نفسك من التدبير، فما قام به غيرك عنك لا تقم به لنفسك..
تعريفات:
التدبير: النظر في أدبار الأمور وعواقبها. ودُبُرُ كل شيء عَقِبُه ومُؤخَّرُه.
هذه الحكمة شرح لما قبلها مبينة الأدب مع القدر في حالتي التسبب والتجريد.
المطلوب في الأمور الاختيارية كمال التدبير والتشمير من غير عجز، ومن غير أن يكون العبد قدريا مجوسيا ناظرا إلى سعيه، وفعله، جاحدا لتدبير الله وتقديره، ولا أن يكون قدريا مجبرا واقفا مع القدر ، جاحدا لأفعاله وسعيه. أما الأمور الغير اختيارية الإعجازية ففيها إسقاط التدبير جملة مع الصبر والرضا. والرضا بتدبير الحق ثمرة التوكل وموجبه والمقدور يكشفه أمران التوكل قبل وقوعه والرضا به بعد وقوعه.
فجماع الأمر إسقاط التدبير في حظك ، والقيام بالتدبير في حق ربك، أي : تنزيل الأسباب منازلها ، علما وعملا، لا الإعراض عنها ومحوها، ولا الانتهاء إليها والوقوف عندها.
لذلك قال أرح نفسك ولم يقل أرح جسمك. فالجسم منشغل بالأسباب لكن النفس في راحة مع سكونها واستسلامها إلى سابق قدر الله، وهو (ما قام به غيرك عنك). فالنفس في شهود ما قسمه الله من القدر (لا تقم به لنفسك) دون توثر ولا اكتئاب مطمئنة ساكنة بالأنس إلى حكمة الله بدون عقاقير مسكنة.