قضايا المجتمعمنوعات

المسرح البدوي حاضر بقوة خلال المهرجان المسرحي 43 بإفران

الميزان/ إفران:متابعة

almizan.ma

كريمة البدوي:إبنة عميد المسرح المغربي الأستاذ عبد القادر البدوي خلال المهرجان المسرحي 43 بإفران
الميزان/ إفران:متابعة
رؤيتي للحضور النسائي في الدراما أرقى و أعمق من استخدام المرأة في مشاهد «ساخنة»
الأستاذة كريمة البدوي فنانة حازت على العديد من الجوائز، ولدت في المغرب ونشأت في بيئة يمكن وصفها بالثقافية الفنية الصارمة، فقد تعيّن عليها دائماً أن تسعى للتفوق لتثبت ذاتها وقدراتها، القوة تولد من رحم التحديات، فما مرت به الفنانة المغربية أثر على قراراتها سواء على الصعيد المهني أو الفني والإنتاجي وكانت كلها قرارات ناجحة….سنوات حافلة بالتجارب نتج عنها أعمال فنية رائعة في مجالات متنوعة، حيث ظهرت على خشبة المسرح مؤديةً بعض الأدوار المسرحيّة في المغرب قبل أن تنتقل لمصر و بعض الدول العربية و الأوروبية للمشاركة في عددٍ من الورشات والأعمال ذات صلة مُباشرة بالسينما و الدراما التلفزية والمسرح…
الفنانة الشابة كريمة البدوي تجربة حقيقية مع الإبداع لا تعترف بالأمنيات، ٌ لازِمتها، لدينا عقول مبدعة لكنها مغيبة ٌ، تمتلك موهبة فريدة أهلتها لتولد نجمة، وتتوج بطلة لأكثر من مسلسل و مسرحية وتقف على خشبة مسرح الفن للمخرج المصري الكبير جلال الشرقاوي، شخصية تميزت بحسن اختيارها للأدوار التي تقدمها، أحبها الجميع لتميزها المستمر في أعمالها عشقت الفن وجمهوره فعشقها الفن، حوارنا مع الفنانة الشابة التي اختارت أن تصعد سلم المجد بخطوات ثابتة، كريمة البدوي…
بداية كيف ساهم الأستاذ القدير الراحل سي عبد القادر البدوي في عشقك للفن ؟
لقد حرص والدي رحمه الله، عميد المسرح المغربي الأستاذ عبد القادر البدوي على أن يوفر لي ولإخوتي حسناء ومحسن البدوي، مناخا ثقافيا وفنيا وعائليا صحيا يتميز بالرقي وبالتربية على القيم والجمال، فتحت ُ عينيّ في بيتٍ كتبه ِ أكثر من أثاثه، في بيت به مكتبة كبيرة جدا لوالدي و في كل غرفة كتب كثيرة وخص لكل واحد منا مكتبة تزخر بكتب للأطفال، بالإضافة إلى تربيتنا على التذوق الفني وعلى ممارسة مختلف الفنون من فن تشكيلي وموسيقى ومسرح، حيث واظبت وأختي حسناء منذ الصغر على دروس في فن الباليه بالمعهد البلدي الكونسيرفاتوار بالدارالبيضاء والذي كان مدخلا لتذوقنا للموسيقى الكلاسيكية أيضا.بالإضافة لمصاحبة الوالد للسينما لمشاهدة مختلف الأفلام العالمية حيث كنا نناقش معه مانشاهده ونحلل أفكار الكتب التي نقرأها ويستمع لنا كثيرا ويخصص لنا وقتا نقضيه معه رغم مسؤولياته الكثيرة آنذاك، كما كنا نحضر بإستمرار مختلف العروض المسرحية وطبعا عروض مسرح البدوي للكبار بالمسرح البلدي والخاصة بالأطفال ونشارك في بعضها في عطلة المدرسة فقط….صراحة إنبهرت بحضور والدي على المسرح و بموهبته الإستثنائية والتي طالها الإقصاء السياسي. حيث للأسف حرمه وحرم الجماهير من الإستفادة والإستمتاع بهذا المبدع، نعم انبهار حرك شيئا بداخلي، ربما جينات الإبداع فوجدتني أعشق الفن والمسرح خصوصا أننا في تلك الفترة لم نر في المنتوج الفني والثقافي ما يجعله سلبيا أو عيبا حيث كان مرتبطا بشكل كبير بزرع القيم وبالتنمية وبتشكيل وجدان ووعي الجماهير.
أنت خريجة المعهد العالي للفنون المسرحية قسم التمثيل والإخراج بمصر، غالباً مايكون طموح الفتاة الموهوبة أن تظهر على الأضواء وتعتبر الدراما التلفزيونية أقصر طريق للشهرة، فما الذي يدفع فتاة موهوبة مثلك للتشبّث بهذا الشغف المسرحي؟
الشهرة والأضواء لم تكن يوما ضمن حساباتي لأنني ولدت في عائلة فنية معروفة بفنها وبمواقفها النضالية الوطنية التي تمتد للحركة الوطنية، وهذا شرف كبير لي ومسؤولية كبيرة على عاتقي، وقد كنت سعيدة جدا برحلتي الأكاديمية وبتجربتي الفنية والإنسانية في مصر لأنني تخلصت فيها في البداية شيئا ما من «عبءالشهرة» التي كما لها إيجابيات لها سلبيات أيضا، حيث في الكثير من الأحيان تحرم الإنسان من أن يعيش حياة بدون أحكام مسبقة، حاولت أن أحقق ذاتي في مصر بعيدا عن إسم والدي ونجحت في أن أرد على بعض الأصوات التي كانت تعتبرنا «مدللين» ودخلنا الفن بالوراثة فقط، بحيث شاركت في العديد من المسلسلات التلفزيونية المصرية وقدمني أستاذي في الأكاديمية المخرج الكبير جلال الشرقاوي لبطولة مسرحيتين من إنتاجه وإخراجه بالإضافة إلى تقديمي لعروض على مسرح الغد ومسرح التلفزيون وأصبحت عضوا بنقابة المهن التمثيلية بمصر. وقد حضيت بإستقبال ملكي من جلالة الملك محمد السادس نصره لله خلال زيارته الرسمية بالقاهرة في حفل إستقبال رسمي خصه للفنانين المصريين ولبعض الفنانين المغاربة القلائل المقيمين بمصر وكنت من ضمنهم وعندما أخبرت جلالته أنني تخرجت من أكاديمية الفنون بمصر دعاني إلى العودة إلى العمل الفني بالمغرب كإطار مؤهل أكاديميا ومهنيا من أجل المساهمة في تنمية القطاع الثقافي ببلادنا.
ثمة مفارقة فى حضورك على مستوى السينما العالمية الذى يبدو أهم وأكبر من السينما المغربية ؟
غيابي عن السينما له سببان، الأول أنني رفضت العديد من الأدوار السينمائية التي عرضت علي في بعض الأفلام المغربية و المصرية أيضا لأنها تتطلب «جرأة» تتعارض مع قناعتي ومرجعيتي كإنسانة ولدت وتربت في عائلة مغربية محافظة، لهذا رؤيتي للحضور النسائي في الدراما أرقى وأعمق من استخدامها في مشاهد «ساخنة «من أجل تسويق الأفلام، أما السبب الثاني هو أنني أجد معظم الأفلام في المغرب لا تعكس تاريخ وحاضر وواقع وأحلام وتطلعات الشعب المغربي وبعضها لا يحترم الخصوصية المغربية. وبعض «جوائزها العالمية» تمثل أصحابها الفرانكفونيين و لا تمثلني كمواطنة مغربية قبل أن أكون فنانة مغربية.
في قراءتنا لتاريخ مسرح البدوي لمسنا مدى أهمية المسرح بالنسبة إلى قضايا المجتمع، كيف يمكننا أن نجعل من مسرحنا منبراً للمجتمع؟ ألا ترين معي أنه رغم العطاءات الكبيرة للوالد في مجال الإبداع بالمقابل نلمس أن هناك حيفا رسميا تجاه هذه المدرسة الوطنية ؟
الثقافة هي قضية مجتمعية بالدرجة الأولى هي مشروع أمة غير مرتبط بأشخاص أو بالفنانين فقط، الرائد عبدالقادر البدوي كان قيادة ثقافية مؤثرة ومناضلة ضمن مشروع ثقافي مغربي وطني يسعى إلى دعم الإستقلال عن فرنسا بإستقلال ثقافي، زرعت بذوره الحركة الوطنية قبل الإستقلال وتبنته سياسيا أحزاب وطنية كبيرة في مطلع الستينات من بينها حزب الإتحاد الوطني للقوات الشعبية الذي تزعمه الشهيد المهدي بنبركة، وقد ناضل عبدالقادر البدوي وجيله من المفكرين والمثقفين الوطنيين حتى آخر رمق من أجل تحرير المشروع الثقافي المغربي من كل أشكال التبعية و الوصاية الثقافية، وارتبط منتوجه الفني والثقافي بقضايا المجتمع، وببناء الإنسان هو الرهان الحقيقي من أجل تحقيق أي نهضة أو نمو، لهذا الأمر يحتاج إلى إعادة النظر في رسم السياسة الثقافية و إلى إعادة النظر أيضا في الخط التحريري للإنتاج الدرامي والسمعي البصري الذي أصبح يركز في معظم منتوجه على الترفيه السطحي فقط، وبالتالي فنحن في حاجة ماسة إلى قرار سياسي جريء و شجاع حتى يستعيد كل من الفن والدراما والإعلام والثقافة دوره التنموي و دوره في تشكيل وجدان و وعي و عقل الجماهير من أجل المساهمة البناءة في الترقية الإجتماعية عبر تلك المنابر التي تعتبر القاطرة نحو مغرب الديمقراطية والمواطنة والمساواة… حتى ذلك الحين سيظل ليس فقط مسرح عبدالقادر البدوي وتراثه الثقافي والفني الوطني يعاني من الحيف والإقصاء والوأد بل تراث العديد من الرموز الثقافية والفكرية الوطنية.
في ظل الظروف السياسية التي نمر بها والمتطورة كل ساعة وكل لحظة، كيف يمكن للمسرح أن يواكب الحدث المتغير ويعبر عنه؟
برفع الحصار والتضييق عن المسرح المغربي الجاد وبصيانة الموروث الثقافي اللامادي للمسرح المغربي بدون إستثناءات وعلى رأسه مسرح عبدالقادر البدوي أعرق مسرح في المغرب الذي تأسس سنة 1952 وامتد لسبعة عقود ولا زال مستمرا حتى اليوم وارتبط بتاريخ وقضايا هذه الأمة، و بدعم الديمقراطية وحرية التعبير التي للأسف أخذت منحى عكسي يتجلى في «الابتذال» بدل النقد البناء. وأيضا بإعادة النظر في صياغة قانون الفنان بالعودة إلى نص الرسالة الملكية للمغفور له جلالة الملك الراحل الحسن الثاني الصادرة بتاريخ 14ماي 1992 والتي تصنف الفنان المغربي إلى محترف تعنى بشؤونه وزارة الثقافة وهاوي تعنى بشؤونه وزارة الشباب، بالإضافة إلى إعادة النظر في بطاقة الفنان و في شروط الحصول عليها، وبإعادة النظر في طريقة صرف دعم الفنون عموما والدعم المسرحي خاصة.
في ختام لقائنا بماذا تحلم الأستاذة كريمة على الصعيدين الشخصي والمهني؟
أحلم بصيانة تراث مسرح البدوي في المتحف الوطني لعميد المسرح المغربي الأستاذ عبدالقادر البدوي والذي بات يشكل جزء مهما من الذاكرة الثقافية والفنية الوطنية و من التراث اللامادي المغربي وبأن يتبنى الملك محمد السادس نصره لله هذا المشروع الثقافي الوطني الذي ارتبط بالحركة الوطنية وبالمقاومة المغربية ضد الإستعمار الفرنسي وبالمساهمة في تشكيل ملحمة الإستقلال التي تزعمها المغفور له الملك محمد الخامس طيب لله ثراه، وآرتبط أيضا ببناء مغرب الإستقلال من خلال النضال من أجل وضع اللبنات الأولى للبنية التحتية الثقافية المغربية الوطنية ومن أجل التحول الديمقراطي و من أجل التنمية والترقية الفكرية و الإجتماعية في هذا الوطن…..
الكاتب : عزيز مفضال بتاريخ : 13/07/2023

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى