قضايا المجتمعكتاب الراىمنوعات

خاطرة/ هكذا الدنيا ..ِمِقْوَدُُ/ un volant

الميزان/ الدار البيضاء: الدكتور سعيد الناوي

almizan.ma

خاطرة/ هكذا الدنيا ..ِمِقْوَدُُ/ un volant
الميزان/ الدار البيضاء: الدكتور سعيد الناوي
13 دجنبر 2023
أطلعني صاحبي عن وجه مقود سيارته، و قد أشار ببنانه إلى أسفل المقود، و هو يشبهه بفم انثى دقيق من جهة الذقن ، مليء من جهة الجبهة، و هو يرمي إلى تعديلات الوجه و التحسينات التي تطال بني آدم بحثا عن الوسامة و الجمال…،
فلم أمهله ، لأنني أعرف مقصده ، و قد تعجبت للمال و الثروة كيف تفعل بالجاهل!
فوا مصيبتاه من مال دخل على جاهل، فانتهى إلى نسخة طبق الأصل من مقود سيارة!
قال لي صاحبي أن من يغتني، وجب في حقه التعلم و لو صرف نصف ما يملك بغاية التعلم!
أترى العلمَ كفيلٌ يأن يحول دون وجه المقود؟ ، وما هو أثره إذا تعلم المرء ؟ أ يحول دون أن تجتمع في المرء نعمة الغنى و مصيبة الجهل؟
لقد قالوا الكثير عن فضل العلم و أهله، و لا شك أن من آثاره تعلم الكلام، و الكلام علم النخبة، وهو مختلف عن كلام العامة والعوام والسوقية والرعاع وبقايا المجتمعات…
ومن أثاره الأناة و عدم البغي، و الحلم ، وتخيل الغذ، والتهيئ له، وتوقير الخلق، و تمجيد الخالق ، وعدم البطر و السكينة…
صحيح أن هذه قد تجتمع في من درس قليلا، و لكنه تعلم من غيره بدون سجل و لا دواة..
صحيح أيضا أنما يخشى اللهَ من عباده العلماءٌ، و أن العلم يُرقي ويُعلي ويرفع ويٌقدًِم … كما يخفض ويدني ويخون من هو والأمية توأمان نسبا و رضاعة و مصاهرة.
ولنا أن نتخيل الجهل في الواحد من الناس و المال الكثير…. فماذا سيصنع به مع خفة عقله دون دمه، و خلاه من المعرفة و العلم؟
لابد لك أن تتخيل كل شيء فظيع، كما لك أن تتخيل كل شي مادي يتمكًَنُ منه ذو المال فقط…
سيتغير هندامه، و هذا سهل يسير ،
و سيغير مسكنه و وسيلة تنقله ،
سيضع عطر الملوك و يجالس العلماء بماله ، و ذوي الشوكة بدنانيره، و الأطباء بدراهيمه، و بعض من علا شأنه بدولاراته..و لكنه يظل بينهم الجاعل الغني !
سيسعى لكي يكتسب إسما جديدا أو حرف مضافا إليه، و قد يكنى و يسمى و يٌقامٌ به و له ، و لكنه لا يستطيع أن يتزع عن نفسه إسم الجاهل و صفة الجهل…. فقد سألتي أحد الأثرياء حقيقة كيف أراه وأجده، فمدحته تأدبا لا نفاقا ، وهو ممن يظهر الود حقيقة، دون أن أطلع على ما في الفؤاد، ولي ظاهره دون باطنه، ولكنني مع مدح الرجل أضفت ما لا يقدر على قوله بعض المداحين، حينما أجبته عن سؤاله” أنك موصول العز و التقريب و التقدير ولكنك لست “قارئا “، و قصدي انك جاهل بأدب المادحين و صراحة أهل الصراحة، فأنا لا أبغي ماله و لكنه يبغي العلم و لا وصل له، و هيهات أن يوضع العسل في أداة الأسد !!
المهم أنهي لا أحسد أهل الغنى، و لا أنافق منهم أحدا، و لربما أن هذه العملة هي من تجعلهم يتسابقون للقاء هذه العملة، و كثير منها مسحَ معالمها المالُ و الإسترزاق و التودد لأصحابه و الخنوع لهم ،و التدلل في طريقهم
و القبول منهم، و التجاوز عنهم، والتسمر بعتبات بيوتهم، و اللين لهم و الأخذ متهم و عنهم ، و “تيسيس ” مواقفهم و أقوالهم و أوامرهم وردود أفعالهم، فكلها تصادف yes فصارت الأداة الموجبة “yes/ نعم” ، فعلا من أفعال الخنوع و الذلة و المسكنة و لهذا جئت منها بفعل “التيسيس ” من “ييًًسَ بمعنى أجاب ينعم دون نقاش!!!
الأهم من الفعل المذكور و “هو رد فعل كل ميًَال لأصحاب النعمة و له ذلك” ؛ أن صاحب المال قد يسعى بماله و جهله لأكثر مما تتخيل …و قد يسعى بيده إلى أن يصنع له وجها كوجه أسفل مقود السيارة….
الدكتور سعيد النــاوي. غفر الله له و تجاوز عنه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى