الفقه والشريعةقضايا المجتمعمنوعات

انتهى رمضان وبقي الشكر..

الميزان/ الرباط: فقه و شريعة

almizan.ma

انتهى رمضان وبقي الشكر..
الميزان/ الرباط: فقه و شريعة
شكرا رمضان لأنني عرفتُ بصداقتك مواصفاتِ الصداقة الحقيقية
وأن من لم تتوفر فيه ثلاثُ المواصفات التالية فليس بصديق:
الخفة
الخيرية الغزيرة باطنا وظاهرا
الكرم اللامحدود
وقد وجدتها كلها فيك..
شكرا رمضان..
لأنك علَّمتني أن ساعةَ خلوةٍ واحدة على الأقل مع الله والقرآن هي أنسب ما يفعله الإنسان اللبيب ليفر من ضجيح الحياة وشغَب الناس
وقسوة الأحوال فبها تتطهر النفس وتزكو الروح ويهدأ القلب ويحلق الفكر وتنحسر المسافة بين العبد وبين ربه..
شكر رمضان لأنك وثَّقْت علاقتي أكثر مع القرآن ونبَّهْتني لفضل التلاوة فكان القرآن جليسي وأنيسي وراحتي وسعادتي..
شكرا رمضان لأنك ذكَّرتني بقصَر العمر وسرعة انصرام الأيام
وأن أي بداية هي في الحقيقة نذيرُ قربِ النهاية
وأن أي مُفتَتَح لا بد أن يعقبه ختام
فكما تنصرم أيامك تنصرم أيامنا
وكما بدأتَ بدأنا وكما تنتهي سننتهي
هي نقتطان في هذا الحياة المؤقتة نقطة البداية ونقطة النهاية
لتبدأ بعدهما حياتنا اللانهائية في العالم الآخر المختلِف
والمرء بين النقتطين مكَلَّف باستثمار الزمن واهتبال الأنفاس والتزود من الصالحات والاستعداد للانتقال
وكما يرحل رمضان خاطفا سريعا نرحل نحن كذلك
فليس إلا المبادرة قبل انقطاع الروح والمسابقة قبل توقف النبض والمسارعة قبل مباغتة الأجل..
شكرا رمضان لأنك أرشدتني لملحظ مهم وهو أن أجواء الخير المشاعة
كفيلة بحشر أجواء الشر في الزواية ولو مؤقتا فحين يصبح الخير حديث الناس وممارسة الناس ينخذل الأشرار وينكمشون ويشعرون بالوحشة والعزلة والانتباذ
ومن ذلك نعلم أن نشر ثقافة الخير بين الناس وتفعيله والإشادة به والدعوة إليه
وجعله عادة مشاعة
هو الوسيلة الأنسب لخنق أنفاس الشر وتحجيم الأشرار
دون أن ندخل معهم في مواجهة مباشرة
فأجواء رمضان الخيِّرة النيِّرة الطيبة جلَّلَت الشر بالخزي وحَدَّت من سُعار الباطل
وحجَّمت من انتفاخ المعاصي وانتفاشها
وصولان الزائغين وجولانهم
بل ضمّت أهل الهوى إلى الركب
ودفعتهم لتنسُّمَ هذه الأجواء الجميلة الاستثنائية
فضلا عن تكبيل الشياطين وكبتهم..
شكرا رمضان لأنك قرَّبتني من ربي
وحبَّبتم إلي العبادة
وزينتَ لي التلاوة
وأغريتني بالقيام
وجَمَّلت لي الجود
وعوَّدتني الانضباط والأدب والهدوء
وأذقتني حلاوة المناجاة
وروعة الابتهال
وجمال الانكسار
ولذة القرب والعبودية والخضوع..
شكرا لك بلا حدود.
مختار ناجي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى