قضايا المجتمعكتاب الراىمنوعات

ن ا ع م / ناعم ؛( نعم) / خاطرة

الميزان/ الدار البيضاء: د.سعيد الناوي

almizan.ma

ن ا ع م / ناعم ؛( نعم) / خاطرة
الميزان/ الدار البيضاء: د.سعيد الناوي
لا أنسى “نعم” التي كان بعض تلاميذ الفصل و الفصول الغابرة يريحون بها المعلم الأستاذ: ” أن هل هذا مفهوم و واضح؟”
أو “عن كل شيء قرره الأستاذ أو أراده…”
حتى من لم يسمع قول المعلم أو سؤاله ؛ أجاب بنعم؛ مع تطويل المد في حرف النون ” ناااااا” بقياس ستة أصبح ؛ ثم يليه حرف العين و الميم مع السكون ”
لقد إستفسرنا المعلم الأستاذ فأجابوا بنعم؛ و قد أجاب بها ” بوعزة والحمري وعادل ومريم وزينب وكمال.. كلهم.. كلهم إلا واحدا لم يفهم الدرس؛ هو هذا الذي انخدم “بنعم” القوم، و استيقن أن الإشكال فيه لا قي غيره،
فحتى من لم يفهم و لم يستوعب أجاب ؛
وكانت “ناعم” كافية؛ و منهية لكل “إشكال”.
عرفت فيما بعد أن بعض أو أكثر من الكثير؛ ممن أجاب بالإيجاب؛ لم يفهم شيئا…!
ولكنه مع الأستاذ فيما قال؛ و فيما يحب الأستاذ أن يسمع.
كنت أسأل نفسي كيف تلقوا الدرس أو المسألة ؛ ففهموا إلا أنت؟!
هل كان الدرس واضحا ؟
فتم اختراق المخ والمخيخ وفهموا ؛إلا أنت!
لم يكن وليس رأسي ضخما ثقيلا؛ أستطيع أن أهزه أو أخبطه مع شيء أو أقرعه.. أو أتهمه باللافهم!؟
و لعلي أزعزعه؛ لعلها خيوط الدماغ قد تشابكت فوقع لها تماس؛ فكانت السبب في أنني الوحيد الذي لم يعم ما قاله الأستاذ، و الوحيد الذي لم ينعنع” بنعم أو” بناعم”؛ بإطالة الباء المريحة؛ الدالة على نسبة المائة في المائة عن بلوغ الغاية و الفهم.
المهم أنني كنت ألوم نفسي وحدها ؛ و أمنيها بالفهم بعد أن نغادر الفصل؛ فأستفتي أحدهم فيفتيني!
وكم كنت ظالما لنفسي ؛ أتهمها بما ليس فيها؛
و لا أتهم ” نعم ” ” الطبالة المنعنعين”.. فقد إستفتيت كل التلاميذ بدون استثناء ؛ بعد خلونا واختلائنا ؛ فما فهموا ما قالوا عنه أنه واضح؛ فلم يبق لي إلا حارس المدرسة أسأله؟!
فلا أحد كان “فاهما”؛ مع أنه أخبر الأستاذ بأنه قد فهم ؛ فأصدر القبول؛ والإيجاب؛ و أراح الأستاذ ؛
وأكد له أن قد أدى الرسالةو نصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده.
لقد تأكد لي بالملموس أنه نفاق “نعم”.. أو لنقل دبلوماسية الجواب والنأي بالنفس عن ما يشوش عليها…
و”مالك أنت على كل هذا التفلسف و “الملوحة ” الزائدة ؛ في أن لا تقول “نعم” ؛ رغم أنك غير فاهم؟ ؛ ” إسأل الأستاذ إذن و صارحه بأنك لم تفهم منه مقدار فتيل؟
واكفي نفسك الحر والضيق؛ وتعلم حسن القبول من الناس؛ حتى لأن أقلهم ذكاء قد صنع بك ؛ ما لا يقوى كبيرهم أن يفعله؟”
صحيح أنني لم أسأل الأستاذ؛ لأن كل التلاميذ أمضوا براءة الذمة في حق الأستاذ ؛ فأدى ما بذمته ؛
و أنهم فهموا؛ فكيف سيكون منظرك معهم و هم يتأهبون للإنصراف؛ و أنت بنزغتك هذه ستزيدهم زمنا هم بحاجة إليه؛ و ستتسبب في تمطيط الحصة ؛
و لربما إحراج القرناء !؛
حينما يسألهم الأستاذ فيعلم أنهم والله ما فهموا صرصورا؛ و مع ذلك نافقوه ” مسخهم الله على مكانتهم؛ و أنقص من نفاقهم؛ حتى لا يكبر معهم؛ فكيف إذا كبروا و كبر معهم و فيهم شاخ النفاق ؛ و هل نحن “محتاجون ” للمزيد؟
المهم أن ” نعم “؛ هذه لم تكن خاصة بفصل من فصول الدراسة؛ بل ألفيتها في ما تلا ذلك من فصول..
و فصول ؛ وفروع؛ و مباحث؛ ومطالب ؛ وفقرات.. وقد تفنن البعض فيها بأن زاد عليها مسحة فنية ؛ ترضي الغير عنه ؛
وهي الإبتسامة مع ” نعم “؛ و تارة الضحك الساكن بين القهقهة والصمت.. فيسمع الغير “نعم” ؛ ثم بعض صوت الضحك… أما أنا.. فأنظر إلى هؤلاء المبدعين؛ و لا أسال فقط عن نعم هؤلاء؛ فيما لا يفهمون.. بل عن ما إذا مر أمامي شيء يضحك؛ فلم يضحكني.. أواه يا رأسي “كيف لم تفهم” ؟
و يا لساني؛ لماذا لا ” تنعنع”؟
و لما لا تضحك على لاشيء.. فلأبحثن لك عن لسان جديد؛ و رأس جديد؛ أو لأجعلنكما في منفى تعيشون فيه وحدكم…
سعيد الناوي. غفر الله له و تجاوز عنه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى