كتاب الراى

الحوار لتجاوز التعاقد ..

 

ذ.ياسين الفاسي
محام بالحسيمة

يعيش قطاع التعليم بالمغرب في هذه الأيام الأخيرة أكثر من أي وقت مضى أوقات جد صعبة، خاصة ما يعانيه الأستاذ(ة) المتعاقد الذي رفضت الوزارة إدماجه في نظام الوظيفة العمومية لكون هذه الأخيرة تعتبر نظام التعاقد خيارًا إستراتيجيًا، وحلا لا يمكن التراجع عنه فيما تراه أطر التدريس نظاما لإقبار ما تبقى من نور المدرسة العمومية.

إضرابات مستمرة تخوضها التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد كخطوة تصعيدية بعدما أبت وزارة التربية الوطنية الإستجابة لمطالبهم وأهمها إدماجهم في النظام الأساسي للوظيفة العمومية منذ سنة 2016، وأغلب المتعاقدين يشاركون في الإضرابات التي تدعو لها هذه التنسيقية، وإصرار الوزارة الوصية على أن نظام التعاقد قرار لا تراجع عنه أمام وجود الفئة المتعلمة ضحية من جهة؛ ومستقبل فئة الأساتذة المتعاقدين ضحية من جهة ثانية ؛ فنعتقد أنه يجب على الوازرة الوصية مراجعة هذا القرار وسلوك أسلوب الحوار مع هذه الفئة الواسعة من الأطر التي تمثل قطاع التربية والتعليم كمنطلق تقدم كل المجتمعات؛ وتحسين وضعيتهم يعني الرقي بهذا القطاع الحيوي وبالنتيجة تطور الأداء التعليمي.

ولا أعتقد أن لجوء الوزارة الوصية للإقتطاع من أجرة أداء وظيفتهم؛ وكذا توجيه الإنذارات لهم بالعزل و….حل لطي هذا الملف؛ بل ومراعاة لمصلحة جميع الأطراف؛ يقع على عاتق الدولة ضرورة فتح مبادرة ودية مع الأساتذة المتعاقدين بهدف إيجاد حل يحفظ حقوقهم عمليا في الحاضر والمستقبل.

من حق الأطر التربوية المتعاقدة أن تعبر عن مخاوفها من الإستغناء عنها في أي لحظة، وفي حالة من الهشاشة لا يشعر معها الأستاذ المتعاقد بالإستقرار الوظيفي، وهو الوضع الذي يتعذر معه أداء المهام التربوية والتعليمية الموكلة إليهم على أكمل وجه؛ خصوصا وأن هذه الأطر تستحضر ما ضمن بعقد توظيفهم “عقد إذعان” الذي يحمل مجموعة من الشروط التعسفية المفروضة من طرف واحد؛ بحيث جرى إكراههم بطريقة غير مباشرة ووضعهم أمام الأمر الواقع، ولم يكن لهم الحق في تعديل شروط وفصول هذا العقد أو مناقشتها، والطريقة التي جرى بها توظيفهم شابها الإختلال، إذ ينبغي توظيفهم أسوة بزملائهم السابقين؛ وكذا توفير التدريب الملائم والتنمية المهنية المستمرة وحماية حقوقهم ليحصل المجتمع على جيل جديد من الأساتذة المؤهلين والمتحمسين والمخلصين، إذ لن يتمكن التلاميذ من التمتع بحقهم في التعليم الجيد، عندما لا يُقدّر من يدرسونهم حق تقديرهم.

وختاما ظهر للأسف الشديد للجميع بداية هذا الأسبوع ممارسة الدولة لأساليب التعنيف من ضرب وجرح في صفوف الأساتذة المتعاقدين بتسخير أجهزتها المكونة كذلك من طبقة اجتماعية لا تقل حالتها الإجتماعية والإقتصادية تهميشا بشكل من الهمجية خارقة بذلك حق الأساتذة المتعاقدين في الإحتجاج السلمي وإيصال صوتهم ومطالبهم؛ وكان تدخل الدولة بالشكل الظاهر للعموم إهانة لهذه الأطر التربوية الممثلة لمهنة التربية والتعليم كمهنة نبيلة على أساس أنها أساس الوعي وتكوين مواطني الماضي والمستقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى