الاقتصاديةالسياسيةالقانــونقضايا المجتمعمنوعات

أزمة القطع المعدنية يشكل خللا اقتصاديا أمام صمت الجهات المسؤولة

الميزان/ الرباط: متابعة

almizan.ma

أزمة القطع المعدنية يشكل خللا اقتصاديا أمام صمت الجهات المسؤولة
الميزان/ الرباط: متابعة
تعيش عدة مدن مغربية منذ أشهر أزمة غير معلنة في توفر القطع النقدية المعدنية، خاصة فئات الدرهم والدرهمين ونصف الدرهم، وهي القطع التي يقوم عليها الجزء الأكبر من المعاملات اليومية في المتاجر الصغيرة والأسواق الشعبية ووسائل النقل.
ورغم غياب تصريح رسمي مباشر من بنك المغرب يقرّ بوجود هذه الأزمة، فإن مظاهر الارتباك التجاري أصبحت واضحة، حيث أصبحت أبسط عمليات البيع تواجه بالتأجيل أو المساومة بسبب غياب الصرف المعدني.
التجار الصغار، وفي مقدمتهم أصحاب محلات البقالة، أصبحوا مضطرين للبحث يوميا عن القطيع المعدنية، بل إن بعضهم يدفع عمولات لأشخاص ك ” المتسولين” للحصول عليها.
ومع أن هذه العمولات ليست كبيرة في ظاهرها، فإنها تُثقل كلفة التسيير لدى تجار يشتغلون بهوامش ربح ضيقة، أما المواطن، فيصطدم يوميا بمواقف غير مريحة، إما التخلي عن جزء من الباقي، أو شراء سلعة إضافية للحصول على القطيع المعدنية، أو تغيير المتجر بحثا عمن يملك القدرة على توفير الصرف بشكل دقيق.
وتظهر مسؤولية مؤسسات الإصدار والنقد بشكل واضح عند تحليل جذور الأزمة، مديرية دار السكة، التابعة لبنك المغرب، تؤكد من خلال مهامها الرسمية أنها تسك سنويا الكميات المطلوبة من القطيع المعدنية وفق حاجيات التداول الوطني، لكن ارتفاع تكلفة الإنتاج المعدني بسبب أسعار المواد الأولية والطاقة، يجعل وتيرة السك محكومة بإكراهات مالية وتقنية، خصوصا بالنسبة للفئات التي تتطلب تصنيعاً مرتفع التكلفة مقارنة بقيمتها.
في المقابل، يتحمل بنك المغرب مسؤولية تدبير السيولة النقدية وتوزيعها عبر البنوك، إلا أن تجارا كثر يشيرون إلى صعوبة الحصول على القطع المعدنية من الفروع البنكية، التي تفضل غالبا تزويدهم بالأوراق النقدية فقط.
هذا الخلل في مسار التوزيع يجعل القطع المعدنية لا تصل بالشكل الكافي إلى المتاجر التي تعتمد عليها، رغم أن دار السكة تواصل عملية الإنتاج.
وتزداد المشكلة تعقيدا بفعل ارتفاع حجم القطيع النقدية التي يحتفظ بها المواطنون داخل المنازل أو في صناديق المتاجر دون إعادتها إلى الشبكة البنكية. هذا السلوك يخلق ما يشبه “التسرب النقدي”، ويقلل فعليا من كمية القطع المعدنية في التداول، رغم وجود إنتاج سنوي جديد، كما تشير تحليلات بنكية إلى تزايد ما يسمى بالنقد غير المعاملاتي، أي النقود التي تخرج من الدورة الاقتصادية ولا تعود إلى القنوات الرسمية بسرعة، وهو ما يؤثر على التوفر الفعلي للقطع الصغيرة.
وتنعكس الأزمة على الاقتصاد اليومي في عدة مستويات من قبيل تعطيل حركة البيع، خلق توتر بين البائع والزبون، زيادة التكاليف الخفية على التجار، وإضعاف الثقة في التعامل النقدي الدقيق، كما أن هذه الوضعية قد تساهم في ظهور ممارسات غير رسمية كبيع القطع المعدنية أو تخزينها بهدف الاستفادة منها، وهي ممارسات تضر بالسلاسة الاقتصادية.
ورغم أن أسباب الأزمة لا ترتبط مباشرة بركود اقتصادي، إلا أنها تكشف عن فجوة واضحة في تدبير القطع النقدية المعدنية داخل المنظومة المالية أو كما يطلق عليها المغاربة شعبيا ب “الصرف”، لذلك يتطلب الأمر مقاربة مشتركة بين بنك المغرب ودار السكة، تشمل تعزيز وتيرة الإنتاج للفئات الأكثر طلبا، وإعادة تنظيم قنوات التوزيع للبنوك والتجار، وتشجيع المواطنين على إعادة القطع المعدنية إلى الدورة البنكية، إضافة إلى توسيع استعمال الأداء الإلكتروني لتقليل الضغط على القطع الصغيرة .
في النهاية، أزمة القطع النقدية المعدنية في المغرب ليست مجرد نقص في قطع معدنية بسيطة، بل هي مؤشر على خلل يحتاج معالجة جدية لضمان انسيابية المعاملات اليومية، فنجاح الاقتصاد اليومي يعتمد على توفر هذه الفئات الصغيرة، ودور كل من بنك المغرب ودار السكة أساسي في إعادة التوازن الذي لا تستقيم الحركة التجارية من دونه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى