
almizan.ma
لم يمض سوى عقدين على إدخال الكليات متعددة التخصصات إلى النظام الجامعي المغربي حتى أُقبر هذا المشروع بصفة نهائية، من طرف وزير التعليم العالي الحالي، عبد اللطيف ميراوي، الذي أكد أنه لن تُخلق أي كلية متعددةِ التخصصات مستقبلا، بينما سيتم تطوير المؤسسات الموجودة.
وأكد ميرواي، في تصريح له، أن القرار الذي اتخذه لا يعني محو الكليات متعددة التخصصات من الوجود، بل وقف إنشاء كليات أخرى مستقبلا، والتعاون مع مختلف الجهات المعنية على تطوير الكليات الموجودة لتصير على شكل مركبات جامعية، وتوفير مزيد من الوسائل للطلبة ليدرسوا في ظروف أفضل.
وأضاف وزير التعليم العالي: “قررت ألا نفتح أي كلية متعددة التخصصات مستقبلا، لأن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي أصدر تقريرا نبّهنا فيه إلى الاختلالات التي تعاني منها هذه الكليات، وعلينا أن نتفاعل مع هذا التقرير ونأخذ توصياته على محمل الجد”.
وسلط التقرير الموضوعاتي الذي أنجزه المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي حول الكليات متعددة التخصصات الضوء على جملة من الاختلالات التي تشوب هذه المؤسسات، إذ يشير بصراحة إلى أن إحداثها لم يكن سوى “رد فعل” على الاكتظاظ وعدم الاستقرار الأمني داخل المؤسسات الجامعية.
وكان الغرض من إحداث الكليات متعددة التخصصات، بحسب التقرير، حمْلُ الحاصلين على الباكالوريا الجدد على البقاء في بلداتهم الأصلية، بمنحهم داخل الكلية الواحدة كل المسالك التي تشملها مجالات التكوين الثلاثة الكبرى.
ورغم أن هذه الكليات نجحت، نسبيا، في تخفيض الاكتظاظ في الكليات ذات الاستقطاب المفتوح، واستيعاب تزايد أعداد الطلبة، وترسيخهم في مدنهم، فإن تأثيرها السوسيو-اقتصادي في المدينة التي تتواجد فيها يظل محدودا جدا.
وبالعودة إلى تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي فإن مؤشرات المصير الذي انتهت إليه الكليات متعددة التخصصات، بمحوها من الوجود، كانت بارزة منذ سنوات، إذ يفيد بأنها “لم تحظ بأي سياسة هادفة وواضحة، لا في فترة إنشائها، ولا طيلة تطورها”.
ويؤكد المصدر ذاته أن نموذج الكلية متعددة التخصصات لم يعرف النجاح المنشود “لأن الهدف من إنشائها بالمدن غير الجامعية ركز على القرب والاستقرار الأمني؛ كما أن تأثير هذه الكليات من الناحية السوسيو اقتصادية ظل محدودا جدا”.
وتعزو الوثيقة ذاتها سبب عدم تحقيق الكليات متعددة التخصصات النجاح المنشود إلى أن خلقها يتم بناء على إنشاء مؤسسة معزولة داخل مدينة صغيرة، بدل إنشاء حرم جامعي يتسم بكبر حجمه ويؤدي إلى تأثير سيوسيو-اقتصادي على المدينة، وإلى استقرار الموارد الموجودة في المكان، وإنشاء أحياء جامعية وداخليات، وضمان وسائل النقل، “ما يكون له تأثيره الإيجابي على المدينة”.
ويظهر أن هذا الجانب من تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين هو الذي عجّل بإقبار الكليات متعددة التخصصات من طرف وزير التعليم العالي الحالي، الذي لمْ يُخف في ندوة صحافية قدم فيها محاور إصلاح التعليم العالي الجديد أن الطلبة المغاربة يستحقون عرضا تعليميا أفضل من الذي تقدمه الكليات المذكورة.
وبخصوص النواة الجامعية، قال وزير التعليم العالي، إن المشاورات بشأنها مازالت مستمرة، وإن الهدف الذي تطمح إليه الوزارة هو أن تكون على شكل مركبات جامعية، حسب حاجيات كل جهة من جهات المملكة، بما يضمن للطلبة القاطنين في المدن الصغيرة أن يدرسوا في شروط كالتي يدرس فيها الطلبة في الكليات المركزية.