حراك التعليم بين النقابات والتنسيقيات
الميزان/ الرباط: الدكتور جلال

almizan.ma
حراك التعليم بين النقابات والتنسيقيات
الميزان/ الرباط: الدكتور جلال
تحدث الجميع عن الإجراءات ذات الأثر المالي ومخرجات الحوار، ودعا الجميع حكومة ونقابات الأساتذة إلى طي ملف الإضرابات وبالتالي الرجوع إلى القسم في تحد للأساتذة الفئة المتضررة الوحيدة من كل سناريوهات الاحتجاجات، لتطرح وفق هذه المخرجات مجموعة من التساؤلات من قبيل لماذا لم يتم تأخير المناقشة المالية إلى المحطة الأخيرة من الحوار الدائر الآن بين النقابات ” الأكثر تمثيلية” والحكومة؟
ولماذا هذه الإجراءات التقنية المالية تقدمت كواجهة تسويقية للإجراءات القانونية الصرفة ذات البعد القانوني والإداري؟؟؟
الجميع يعرف أن الذي أخرج نساء ورجال التعليم للاحتجاج ليس هو الفتات المالي المقسم لسنتين متتاليتين، بل الذي أخرجهم للتنديد والاحتجاج هي كرامتهم التي انداس عليها بموجب مواد قانونية ضمن النظام المشؤوم، فكان جديرا بالوزارة ومعها الحكومة الموقرة الانتباه للمواد القانونية المجحفة قبل التطرق للإجراءات ذات الأثر المالي الضيق، وبطبيعة الحال ليس هناك من تفسير لهذه المقاربة الضيقة سوى محاولة من الجهات الرسمية اللعب على ورقة شق الصفوف، وخلق تصدع نوعي داخل التنسيقيات الداعية للإضرابات، ومحاولة يائسة لجلب فئات بعينها عانت من التعسف والظلم طوال سنين مديدة بمسميات ضحايا النظامين ، الزنزانة رقم 10 ، مستشارو التوجيه والتخطيط ، المتصرفون التربويون ، المحرومون من خارج السلم ، أصحاب الشواهد العليا.. علما أن أغلب هؤلاء لا علاقة لهم بالإضراب والإقتطاعات التي نهبت من جيوب الأساتذة كقواعد وجب محاوراتها بعيدا عن ممثلي النقابات التي أصبحت في الوقت الراهن لا تمثل الأساتذة، بل إن المحاوربن وتصنيفاتهم وإن اعتبرنا شرعيتهم القانونية، فهم لا يشتغلون أو يمثلون من يحمل هم التدريس، ناهيك أن باقي الفئات – وهم الشريحة العظمى- فتم تجاهلها أو على الأصح إسكاتها بمبلغ هزيل لا يتجاوز 1500 درهم مقسم إلى سنتين متتاليتين. ولعل هذه المقاربة التقنية للموضوع قد تسكت البعض، ولكنها لن تسكت الأغلبية العظمى من رجال ونساء التعليم التي تنادي بالكرامة ورد الاعتبار قبل مناداتها بالفتات المالي البخس الذي قد يعمق حدة الاحتقان أكثر من حله وإنهائه..
وبالرجوع للإجراءات ذات البعد المالي يمكن تسجيل الملاحظات الآتية :
أولا : هذه الإجراءات لم تشمل جميع الملفات العالقة ذات البعد المالي، فهناك ملفات مازالت عالقة تحتاج لتسوية مالية ، مثل : ملف الدرجة الجديدة والذي بالمناسبة لم يكن له ذكر في اتفاق 10 دجنبر 2023 ، وهو ملف ببعدين، مالي وقانوني، كان على الحكومة أن تعطي له الأولوية القصوى انطلاقا من اتفاق 26 أبريل 2011 ، وأن يعود انعكاسه بأثر رجعي قانوني مالي منذ توقيع ذاك الاتفاق…
ثانيا : ملف التعويض عن المناطق النائية غاب بدوره عن هذا الاتفاق ، رغم طابعه المالي والقانوني منذ اتفاق 26 أبريل 2011… وكأن المعنيين به كتب عليهم الاغتراب في أداء الواجب المهني و التجاهل من لدن أصحاب القرار….
ثالثا : تجاهل ملفات ذات بعد مالي ؛ لأن أصحابها لايشكلون قوة ضاغطة -لضعف تعدادهم- كملف الدكاترة ، رغم السند القانوني الذي يؤيد مظلوميتهم- اتفاق 26 أبريل 2011 ، واتفاق 18 يناير2022.- مما يوحي أن الوزارة الوصية ومعها الحكومة تتعامل بمنطق توازن القوى مع الفئات التعليمية ، وليس بمنطق الأحقية القانونية مع كل الملفات المطروحة…
رابعا : التمييز بين الفئات التعليمية في التسوية الشاملة كما وقع بين فئة الدكاترة من جهة وفئتي أصحاب الشهادات العليا ومستشاري التوجيه والتخطيط من جهة ثانية، فالأولى تم تجاهلها ماليا وقانونيا والثانية تم إنصافها ماليا وقانونيا، وهذا الطرح وإن دل على شيء ؛ فإنما يدل على قصور الرؤية لدى الوزارة في التعاطي مع مختلف الفئات برؤية شمولية تعتمد التكامل والتنوع بدل التمييز والتفييء…
خامسا : كل المبالغ المرصدة للزيادة في الدخل لا تصل إلى نسبة عشرة في المائة للمبالغ المرصدة لحل بعض الملفات العالقة ، مما يدل على غياب إرادة سياسية قوية في النهوض بهذا القطاع الحيوي وهو الذي سينعكس سلبا على نساء ورجال التعليم سواء على المستوى الاعتباري أو المادي…
والخطير في كل الخطوات التي قامت بها الجهات المسؤولة اتجاه هذا الحراك التعليمي هو التدرج في تقديم بعض التنازلات البطيئة على امتداد فترات زمنية جد مهمة في حق الفئات المتعلمة، وكأن الزمن المدرسي لايستحق التعجيل بالحلول الكفيلة بإرجاع السادة الأساتذة إلى حجراتهم الدراسية، ولعل ما ينتظر المحتجين من الشغيلة التعليمية أعمق بكثير من السير البطيء للحكومة في حل المشكل قبل أن يتسع الرتق على الراقع كما يقال.