الفقه والشريعةقضايا المجتمعكتاب الراىمنوعات

مقترح إحداث نظام للوساطة في قضايا الأسرة عبر بوابة العدول

الميزان/ الدار البيضاء: د.حسن الزباخ

almizan.ma

مقترح إحداث نظام للوساطة في قضايا الأسرة عبر بوابة العدول
الميزان/ الدار البيضاء: د.حسن الزباخ
كلما وجد طريق أو وسيلة في التخفيف من العبء على القاضي والمتقاضين إلا ومطلوب من صناع القرار تدارسه ودعمه حتى تحقق أهدافه.
• ومن أهدافه توعية الأسرة بجميع مواد قانون مدونة الأسرة، التي نعتقد جازمين بأنه لا يزال الجهل يحيط ببعض أحكامها ومواد فصولها من طرف المنظومة الأسرية.
• ومن أهدافه كذلك، محاولة رأب الصدع والشقاق الذي قد يحصل للوهلة الأولى بين الزوجين الجديدين الذين قررا بناء عش الزوجية.
• ومن أهدافه كذلك ، بيان حكم الشرع في بعض المسائل التي تطرأ للزوجين كالتلفظ بالطلاق ، وهما في حالة التنافي مع الطلاق الصحيح ، مثلا الزوج يكون في حالة غضب أو سكر … والزوجة في حالة الحيض أو النفاس وغيرها…
• ومن أهدافه كذلك ، توضيح وتغيير الحالات الشاذة المتعلقة بنظام الإرث.
وهذه الأهداف وغيرها لا يمكن للقضاء الأسري ولا المحاكم الاجتماعية أن تنهض بها لوحدها، لأن القاضي ملزم بتطبيق المواد والنصوص الواردة في قانون الأسرة محاولا تنزيلها في مدد زمنية محددة ، وتحت طائل المساطر الجاري بها العمل وضغط تراكم الملفات المعروضة في قضايا الأسرة، والتي أصبحت هذه الأخيرة همها الوحيد هو اللجوء إلى المحاكم، متجاوزة كل أعراف المجتمع المغربي من تدخل أسري وأهل الصلاح والخير…
الذين كانوا بمثابة وسطاء اجتماعيين يحدون من كثرة النزاعات الأسرية بآليات أخلاقية بيئية عرفية تلامس هم وكنه النزاعات القائمة بضمانات اجتماعية، وهذا ما كان متجذرا في المجتمع المغربي حينما كان يقع نقاش ونزاع في قضية ما من قضايا الأسرة، كمسألة الزواج والطلاق والإرث وغيره ، وأول ما كان يهرع إليه رب الأسرة أو من يمثلها إما إلى فقيه المسجد وخطيبه أو إلى سمط العدول ، والعدل آنذاك كان يقوم بدور الشرح والتوضيح في القضايا المستفسر فيها، والمثارة للنزاع بين الزوجين أو بين الأسرتين أو بين الورثة، وذلك بحكم أنهم يمثلون سلطة معنوية وتفسيرية للنصوص الفقهية والنوازل الشرعية، باعتبار أن اللجوء إليهم يحملهم مسؤولية أخلاقية وجزائية في الدار الآخرة لتوضيح حكم الشرع فيها. وبهذا السلوك النبيل يخفف من روع الأسرة ويقلل من حدة النزاعات والخلافات، وفي هذا السياق مازال بعض السادة العدول يقومون بأدوار طلائعية في الحد من أزمات أسرية، التي تنشب حينها ويلجؤون إلى مكاتبهم للاستفسار عليها فالعدل لا يبخل في الشرح والتوجيه وهذا من صميم أهدافه الأخلاقية.
وكما نعلم أن الأسرة المغربية بمختلف شرائحها ومكانتها مازالت تحتفظ في اللاشعور أنه بمجرد ما يحصل نقاش أو نزاع في البيت الأسري إلا وتبادر بالحديث الذهاب إلى العدول في استفسار عما يحدث ويحصل، والعدل الفقيه اللبيب بحكم تجربته الاجتماعية في تعدد المسائل والنظائر للقضايا المستفسر فيها تتكون لديه تراكمات لقضايا أسرية بعضها يفتي فيها ويحل النزاع إبانه ، وبعضها يقترح حلولا قانونية لها ، وهكذا… وذلك بدون مقابل مادي ماعدا الدعوات والرحمات للوالدين أو لمن علمه وتعلم عليه (الله يرحم الوالدين ويرحم من قراك).
إذن من هذا المنظور الإيجابي الذي كان يقوم به العدل الفقيه تجاه مجتمعه الأسري حري بنا أن نحيي هذه الطريقة بصيغة متحضرة تواكب ثقافة المجتمع وأعرافه وتقاليده. إذا ما أردنا أن نساعد القاضي والمتقاضين في فضاء الأسرة ونستثمر التجارب التاريخية والواقعية وبعض المهن المساعدة للقضاء ومنها مهنة خطة العدالة التي تعد من المهن المساعدة للقضاء، ولكن هذا ينبغي أن يتجه وفق رؤية مدروسة ومنوطة باقتراحات قانونية وخلق مراكز تجاربية في بعض المحاكم الأسرية، بإشراف وانخراط بعض القضاة المتخصصين في مجال الأسرة وانتقاء بعض السادة العدول الذين تتوفر فيهم الكفاءة العلمية والصفات الفقهية والشروط الأخلاقية، يكون دورهم مرشدين وموجهين وناصحين للأسرة المغربية في مجال قضايا الأسرة، آنذاك نكون قد أنشأنا مؤسسة ذات طابع وسائطي غير إلزامي دورها فض بعض النزاعات الأسرية وإصلاح ذات البين بسبل يسيرة وغير مكلفة ماليا وماديا.
والأهم من هذا نكون قد وفرنا الجهد والوقت للأسرة القضائية في التفرغ والبحث في قضايا أخرى لها أهمية أكبر، وكذا الحد من التجمهر والاصطفاف في أبواب المحاكم الأسرية وكشف الحجب عن بعض الشائعات التي نسجت عن قانون مدونة الأسرة في غياب التواصل بين النص القانوني والمتقاضي بل بين الأسرة كلها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى