السياسيةالقانــونقضايا المجتمعكتاب الراىمنوعات

ملف دكاترة وزارة التربية الوطنية أمام منعطف خطير: التفريط في فرصة تاريخية ومسؤولية النخبة الضعيفة

الميزان/ الرباط: الدكتور نبيل حيمياني

almizan.ma

ملف دكاترة وزارة التربية الوطنية أمام منعطف خطير: التفريط في فرصة تاريخية ومسؤولية النخبة الضعيفة
الميزان/ الرباط: الدكتور نبيل حيمياني
يعيش ملف دكاترة وزارة التربية الوطنية اليوم مرحلة دقيقة تُنذر بمزيد من الإقصاء والتهميش، بعد أن تم تفويت فرصة تاريخية كان من شأنها أن تنصف هذه الفئة العلمية وتفتح أمامها آفاقا حقيقية في البحث العلمي داخل المنظومة التربوية. فلقد كانت اللحظة سانحة — خلال التعديل المرتقب للنظام الأساسي الجديد لموظفي التربية الوطنية — لاعتماد تغيير إطار شامل وجماعي لكل الدكاترة إلى إطار “أستاذ باحث”، باعتباره الحل العادل والمنطقي الذي يسهم في تجويد التعليم وتعزيز مكانة البحث العلمي داخل المدرسة العمومية.
لكن، ويا للأسف، ما حدث كان العكس تمامًا. تم الالتفاف على جوهر المطالب، بل تم إفراغ “إحداث إطار أستاذ باحث” من مضمونه الحقيقي، حيث كان الهدف الأصلي من هذا الإطار هو تسوية الوضعية الإدارية والعلمية لدكاترة قطاع التربية الوطنية، إلا أن المشروع تم تفصيله على مقاس الإدارة، فأصبح مجرد آلية انتقائية تُقصي أكثر مما تُدمج، وتجزئ أكثر مما تُوحد، وهو ما يؤكد أن الإرادة السياسية في الإنصاف غائبة أو مغيبة عمدا.
والأدهى من ذلك أن الوزارة الوصية لم تتردد في فتح مباريات انتقائية، وتخصيص دفعات محدودة لا تشمل الجميع، مما يعني أن التغيير لن يُسعف سوى القليلين، فيما سيبقى عدد كبير من الدكاترة في وضعية الغبن والتهميش دون إطار أو أفق مهني حقيقي. وهو توجه خطير يحمل في طياته رسالة واضحة: الدولة لم تعد ترى في الدكتوراه قيمة مضافة داخل قطاع التربية الوطنية، بل عبئا يجب التخلص منه تدريجيا.
غير أن المسؤولية لا تقع على الوزارة وحدها، بل تتحملها أيضًا — وبقسط وافر — نخبة من الدكاترة أنفسهم، ممن تصدروا المشهد النضالي والإعلامي في السنوات الأخيرة، لكنهم أثبتوا ضعفًا واضحًا في التأطير والتفاوض والترافع، بل ساهموا بشكل مباشر أو غير مباشر في تشتيت الصف وتفتيت المطالب، عبر التشرذم التنظيمي والتطبيع مع الحلول الترقيعية. فبدل أن يكونوا صوتا موحدا للدكاترة، تحولوا إلى أداة لتلميع المبادرات الهزيلة وتزكية التفويتات المتتالية.
لقد فشل هؤلاء في الدفاع عن جوهر الملف، بل سقطوا في فخ الاصطفافات والانقسامات، مما سهّل على الجهات الرسمية تمرير مقاربتها التدبيرية الباردة دون مقاومة تذكر. واليوم، ونحن على مشارف نهاية الدفعة الأولى ، يجد الآلاف من الدكاترة أنفسهم خارج أي تصور عادل أو إدماج منصف، رغم ما راكموه من كفاءة علمية وخبرة بيداغوجية ومهنية.
إننا أمام لحظة مفصلية، تتطلب وقفة صادقة لتقييم الأخطاء، وترتيب المسؤوليات، وإعادة ترتيب الصفوف بشكل عاجل، لأن القادم قد يكون أسوأ إذا استمر التعاطي مع هذا الملف بهذه الخفة والتهاون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى