السياسيةالقانــونقضايا المجتمعكتاب الراىمنوعات

*”صناعة الحروب”*

الميزان/ الرباط: بقلم/أ. عبده معروف


almizan.ma

*”صناعة الحروب”*
الميزان/ الرباط: بقلم/أ. عبده معروف
ليست كل الحروب قدرًا محتومًا، ولا كل الدماء قدرًا إلهيًّا؛ فبعض الحروب تُصنع في الغرف المكيّفة، وتُشعلها مصالح الأقوياء، لا آهات الضعفاء، يُختلق لها سبب، وتُلفّ حولها راية، ثم يُساق الناس إلى الموت باسم “الكرامة” وهم في الحقيقة قرابين تُقدَّم على مذبح الطمع والهيمنة، صناعة الحروب تجارة سوداء، أدواتها إعلام موجَّه، وخطاب مفخخ، وعدو مصطنع، وأوهام تُعبّأ في عقول البسطاء، فيُجرّ الشاب من حضن أمه إلى خنادق الموت، وتُهدم البيوت باسم التحرير، وتُقتل البراءة باسم السيادة، بينما تجلس الوحوش خلف الستار تعدُّ مكاسبها بالدولار والذهب، إنها ليست حروبًا تُخاض لأجل الحق، بل حروبًا تُصمَّم لهدم الإنسان، يُنفخ في نارها تجار السلاح، ويُؤجَّج وقودها بصراعات طائفية أو قومية أو حدود مصطنعة، حتى لا يهدأ العالم الثالث، ولا يقوم له قائم، وفي وسط هذه الدوامة، لا بد من صوتٍ عاقل، يُميّز بين الحرب التي تُخاض للدفاع عن الأرض والكرامة، وتلك التي تُصنَع لتدمير الأوطان من الداخل، لا بد من وعي جماعي يُدرك أن الحروب لا تُنهي الظلم دائمًا، بل كثيرًا ما تُنتجه، وأن السلام العادل خير من نصرٍ ملوّث بالدماء، فإن أرَدنا النجاة من طاحونة الحروب المصنوعة، فليكن وعينا هو السلاح، وليكن الحق هو الراية، ولنجعل الحكمة تسبق البندقية، فالعقل قبل الرصاصة، وإلا فسنظل أدوات تُستخدم في معارك لا نعرف لماذا خضناها، ولا كيف خرجنا منها محطمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى