كتاب الراىمنوعات

إلى “المثقفين بليس”: الاستقلال كان بالبطولات وليس بالشيخات

الميزان / الدارالبيضاء: ذ.محمد الشمسي

almizan.ma

يستغل بعض المثقفين ممن أسميهم ب”المثقفين بليس” بعض المناسبات ليرموا بأحاديث وأقوال ملتبسة مضللة لا حياء فيها من التاريخ، ولا استحياء فيها من أرواح الشهداء، فيجعلون من الشيخات أندادا للوطنيين الذين سالت دماؤهم، وسُلبت حرياتهم وأعمارهم لتحرير الوطن من المحتل، ويُفتون أنه للشيخة مثل حظ المقاوم المكافح في استقلال المغرب، والحقيقة أن هؤلاء أفرطوا على شيخاتهم إفراطا كبيرا، فاستقلال المغرب شرف وسمو حققه وأحرزه رجال عظماء بعزيمة وشكيمة، وطبعا خلف العظماء تقف العظيمات اللواتي ساهمت بعضهن بأدوار حاسمة فاصلة في دحر المستعمر، والتاريخ والشهادات تذكر ملاحم من هذا وذاك، معركة الاستقلال يا سادة كانت ملحمة مستمرة، انبرى فيها الشجاع الغيور وتواطأ فيها الجبان الديوث الخائن، هي لم تنطلق من عرس، ولا على نغمات “عيطة”، ولم تصدح بها حنجرة شيخة، فأصحاب الشيخات سنتها كانوا من “أهل النشاط ” يصنفهم التاريخ في درجة مناوئة لمصلحة الوطن، وأفضلهم كان محايدا لا هو مع الوطن ولا هو مع المحتل، وتلك رتبة من رتب الخيانة، معارك طرد الاحتلال يا سادة خطها الرجال من الجبال، ومن دروب المدن ومن منعرجات البوادي، وفي قلب الغابات كما وسط الكاريانات، وقادها الأشاوس الذين تشد عضدهم نساء مصطبرات محتسبات، فهل انسحب المستعمر الفرنسي والإسباني خوفا من “هزان بوط” الشيخات؟ وهل دفع الوطنيون الأفداد البواسل أرواحهم وحرياتهم لطرد المحتل لأنهم تأثروا ب”عيوط” الشيخات؟ وهل كان للمقاومين وقتا للتفرج على “لقصاير” والوطن محتل؟ فالتاريخ لا يذكر للشيخات معركة ضد المستعمر، ولا توقيعا على عريضة الاستقلال، ولا اعتقال قوات المحتل لشيخة بسبب نشاطها السياسي، ثم كم كان عدد الشيخات حينها حتى ينسب إليهن هذا العمل الجليل؟ الشيخات مثلهن مثل باقي المستضعفين من الشعب حينها، بالكاد يقوون على البقاء أحياء آمنين غير جائعين ولا مختطفين، وأما ما يروج له “المثقفون بليس” من روايات خائرة متزعزعة عن خلافات بين قايد من القياد الموالين للمحتل وبين شيخة، فهي خلافات عاطفية شخصية ذات أهواء جنسية، وإن بدت اليوم “للمثقفين بليس” بعض كلمات أغاني شيخات زمن الاحتلال ذات حمولة ثورية وحماسية ومندفعة فإن تلك ثقافة كانت سائدة ومألوفة في زمنها، فقد كان زمن “الكلام قرطاس” في زمن السيبة والظلم .
لذلك فاحتراما لأرواح الشهداء ولدموع زوجاتهم وبناتهم وأمهاتهم وأخواتهم لنكف ألسنتنا عن المس بثوب استقلال المغرب الطاهر الجليل، بتاريخه الطيب العظيم، وليس في هذا تنقيص ولا سبة للشيخة لكنه دفاع عن التاريخ، صحيح أنه لا يمكن شيطنة الشيخة وجرها إلى المقصلة وتحميلها خطايا المجتمع، فهي كإنسانة ضحية ظروف اقتصادية واجتماعية مركبة ومتداخلة، وتحت ضغط تلك الظروف اتخذت من جسدها أصلا تجاريا تقتات منه مكرهة لا تطيق حالها…لكن الإحسان إليها لا يمنحنا الحق في الإنعام عليها بوسام هي لا تسحقه…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى