كتاب الراىمنوعات

لا يا جماهير الواك: التاريخ تاريخ واللعب لعب فلا تلعبوا بالتاريخ

الميزان/ الدار البيضاء: ذ.محمد الشمسي

almizan.ma

بداية ورفعا لكل لبس قد يحيي كل نعرة كروية، أو عصبية جماهيرية أقر أني من محبي فريق الوداد البيضاوي، حتى لا يجهل أحد المتعصبين، صحيح أني عزفت على ارتياد الملاعب لكن يشكل الفريق الأحمر بتاريخه الكبير جزءا من تاريخي الصغير…
في زمننا كانت الفرجة في المدرجات “شكل ثاني”، نتقاسم فيها قنينة الماء مع جمهور الخصم ولا نبالي، أما اليوم فرغم أن ما يدور في المدرجات يكاد يصبح أفضل مما يجري فوق العشب الأخضر، فقد ارتفع منسوب “التطرف الكروي” الذي سحبنا على مشارف “الجاهلية” صحيح أن “فن التيفو” بات بدعة رياضية حميدة زادت الملاعب رونقا وجمالا، لكن مضامين “التيفوات” هذه تخلق سجالا كبيرا، ولا أدري من ينتج محتوياتها؟ ومن يختار مواضيعها؟ وبأي حمولة أو رسالة؟ ولأي غاية؟ وأحيانا بأي لغة؟ ثم هل من رقيب؟ طبعا كل هذا يدخل في خانة حرية التعبير المكفولة للجماهير.
سبب نزول هذا القول أن مضمون التيفو الذي رفعته جماهير الوداد ليلة الاحد في مباراة الأحمر ضد فريق نيجيري شدني، إن لم أقل هزني ولربما آلمني ورجني، فقد كتبت الجماهير الحمراء بلا استحياء : “على عهد الأجداد مرابطون غزونا فاق ما بلغه الموحدون”…
يحمل هذا الشعار تنقيصا كبيرا من تاريخ المغرب، كما يحمل جهلا راسخا مترسخا بتاريخ الموحدين، مثلما يحمل خطأ فظيعا في المقارنة والتشبيه.
فأولا لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تسمح لنا العاطفة الكروية في تمثيل لعبة بسيطة بحضارة وبطولة الدولة الموحدية…
الموحدون يا سادة عظماء التاريخ والجغرافية، كانوا غزاة في زمن كان فيه الغزو سائدا وحاكما وعادة وتقليدا، وكان فيه البقاء للأقوى، الموحدون كانوا محاربين فاتحين، كانوا أشداء عظاما، انطلقوا من قرية مغربية صغيرة ثم ما لبثوا أن بنوا مجدا عابرا للقارات، هم الذين أسسوا مدينة الرباط بصومعة حسان، وبنوا معلمة الكتبية، وفي اشبيلية الإسبانية بنوا برج الذهب والجامع الكبير، وهذا بعض من الملاحم، الموحدون لم يخوضوا نهاية في كرة القدم بل خاضوا معركة الأرك التي هزموا فيها الإسبان..
باختصار يا سادة الموحدون لم يربحوا سباقا ولا كسبوا مقابلة، بل أنشؤوا حضارة دامت قرابة قرن ونصف، امتدت من المغرب لتكتسح الجزائر وتونس وليبيا ولتغزو إسبانيا بالأندلس.. الموحدون أسرة أمازيغية مغربية خلقت امبراطورية مغربية امتدت الى تخوم إفريقيا جنوب الصحراء…
الموحدون لم يلعبوا للفوز بكأس من ذهب، بل إن الموحدين كانت عملتهم من ذهب، هذا وحده يكفيهم فخرا..
نقول للجماهير العبوا بعيدا عن تاريخ أجدادكم، ولا تعبثوا به من حيث لا تدرون، فشتان بين لعب ولهو يبدأ وينتهي بصافرة حكم، وبين سؤدد وعز وفخر وحضارة يكتبها التاريخ وتشهد عليها الجغرافية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى