قضايا المجتمعمنوعات

المسرح الكبير للدارالبيضاء يحمل إسم عبدالقادرالبدوي..لما لا؟

الميزان/ الدار البيضاء: بيان المسرح البدوي

almizan.ma

على هامش فرحتنا بأسود الأطلس في كرة القدم و نحن أيضا على مشارف افتتاح المسرح الكبير بالدارالبيضاء، هذا الصرح الفني الذي جاء استجابة لنضالات جيل من المسرحيين الوطنيين منذ فجر الإستقلال، و الذين تزعمهم بكل شجاعة و جرأة عميد المسرح المغربي الأستاذ عبدالقادر البدوي، أحد اعمدة المسرح المغربي و مؤسس مسرح البدوي سنة 1952، أسهم مسرحه بتأطير من زعماء الحركة الوطنية في تشكيل وجدان ووعي الجماهير، تشكيل ملحمة استقلال المغرب، ثم أسهم في بناء مغرب الإستقلال من خلال النضال من أجل تحرير المشروع الثقافي المغربي الوطني من كل أشكال التبعية، و في التأسيس لمجتمع ديمقراطي يعلي من قيم المواطنة و حقوق الإنسان ، و في الترسيخ لمقومات الهوية المغربية و على رأسها اللغة العربية التي استهدفت بشكل كبير من طرف اللوبيات الإستعمارية من أجل اقتلاع الأجيال الصاعدة من جذورها الوطنية و حضارتها الضاربة في عمق التاريخ ، و قد دفع عبدالقادر البدوي فاتورة مواقفه و نضاله حيا و ميتا، من تضييق وإقصاء و تهميش لمنتوجه الفكري و الثقافي و الفني، وصل إلى حد منع معظم أعماله الفنية من العرض على القنوات التلفزية العمومية، وإقبار ارشيفه الفني مع أن التلفزيون المغربي افتتح في منتصف الستينات بأعمال عبدالقادر البدوي من عروض مسرحية مباشرة، و دراما تلفزية أسهمت لعقود في التنمية والرقي الإجتماعي للأسرة المغربية. كما أسس عبدالقادر البدوي بالدارالبيضاء أول معهد للتكوين في الفنون الدرامية بالمجان سنة 1958 و أطلق عليه اسم مركز تكوين الممثل، تخرج منه معظم الفنانين المغاربة من جيل الرواد، ولازال هذا المركز مستمرا في التكوين الأكاديمي لشباب الفنانين. بالإضافة إلى تأسيسه للمسرح العمالي و مسرح الطالب و مسرح الطفل و المسرح الجامعي و محاضراته التطوعية في مختلف دور الشباب، ودعمه لمسرح الهواة، و تأسيسه لمشروع ثقافة القرب الذي تبنته وزارة الثقافة بعد ذلك، و نضالاته من أجل دمقرطة الثقافة، و جولاته المسرحية في مختلف قرى و مدن المملكة، و بدول المغرب العربي، و أيضا لجمهور عمال المناجم و للقوات المسلحة الملكية في صحرائنا المغربية في مطلع السبعينات ، كما يعد عبدالقادر البدوي أول مسرحي سعى إلى إدماج نزلاء المؤسسات السجنية من خلال الثقافة و المسرح، وذلك عبر محاضراته التي كان يلقيها لفائدة نزلاء مختلف المؤسسات السجنية من بينها المؤسسة السجنية بمدينة إيفران على هامش فعاليات مهرجان مسرح البدوي بإيفران، وهو مهرجان مسرحي ثقافي أسسه عبدالقادر البدوي بين جبال الأطلس سنة 1972.
كما يرجع لعبدالقادر البدوي الفضل في التأسيس لكل الإتحادات الفنية الإحترافية غداة الإستقلال، حيث ترأس أول نقابة فنية احترافية في المغرب، النقابة الوطنية لرجال المسرح سنة 1978 و التي لم تستمر طويلا لأسباب سياسية تحدث عنها عبدالقادر البدوي في كتابه سيرة نضال، و واصل نضاله من خلال كتاباته في مختلف الصحف الوطنية و لقاءاته و محاضراته حتى لقائه بالملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله الذي عينه على رأس اللجنة الملكية من أجل الإعداد لتصور عام للنهوض بالمسرح المغربي، و الذي جاءت على إثره الرسالة الملكية للمحترفين سنة 1992، و إذا كانت الدولة اليوم قد خصصت ميزانيات مهمة لدعم الفنون سواء من خلال وزارة الثقافة أو الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية أو المركز السينمائي المغربي، فيجب أن لا ننسى بأن هذه حقوق مهنية مكتسبة بفضل نضالات أجيال من الفنانين المحترفين منذ الإستقلال ، و على رأسهم عبدالقادر البدوي الذين ناضلوا وتطوعوا من أجل التأسيس للبنية التحثية الثقافية في هذا الوطن .
و قد شهد المسرح البلدي بالدارالبيضاء كل عروض مسرح البدوي بنجاح ساحق نذكر منها: مسرحية العاطلون، في سبيل التاج، التطهير، المصلحة العامة ، تضحية وألم، البخيل ، وليدات الزنقة، راس الدرب، الكواليس، وصيةالثعلب، الهاربون، سهرة مع تشيكوف، سهرة مع الحكيم، الهادي العباسي، عرس الأطلس، شجرة العائلة، النواقصية، حمان الدنادني.. إلخ
عروضا للعموم والطلبة، و أيضا عروضا للأ طفال إلى أن تم هدم المسرح البلدي هذه المنارة الثقافية لمدينة الدارالبيضاء سنة 1984 وكان و قتها يعرض مسرح البدوي على خشبته بتفاعل جماهيري كبير مسرحية الحلقة فيها و فيها عن نص المهرج للكاتب السوري محمد الماغوط.
و منذ ذلك الحين أصيب العديد من المسرحيين و على رأسهم عبدالقادر البدوي بالإحباط من كمية غلق قاعات العروض و هدمها بمختلف أنحاء المملكة مما انعكس بشكل سلبي على الحركة المسرحية الاحترافية وعلى المجتمع ، و رغم ذلك ظل مسرح البدوي صامدا مقاوما لكل أشكال تحجيم تواجده في الساحة الفنية لحساب اللوبيات الفرانكفونية التي استحوذت على المشهد الثقافي المغربي، والتي حملها عبدالقادرالبدوي مسؤولية تعطيل المشروع الثقافي الوطني، كما حملها مسؤولية تعطيل هيكلة قطاع الفن الإحترافي في المغرب .
استمر مسرح البدوي في العطاء الفني والثقافي لهذا الوطن مخلصا لمبادئه الوطنية، و لرسالة الفن النبيلة في بناء الإنسان و في التنمية و الارتقاء الحضاري حتى تحول إلى مدرسة فنية كبيرة، ومصدرا مهما للبحث العلمي الأكاديمي في مختلف الجامعات الوطنية و العربية و الدولية . وبات يشكل جزءا من الذاكرة الثقافية الوطنية، و يحتل الآن و بكل فخر حيزا مهما ضمن الموروث الثقافي اللامادي المغربي بفضل أعماله الفنية المتنوعة التي أغنت الخزانة الفنية والثقافية الوطنية.
نتمنى كفنانين مغاربة و كأطر فنية عليا أن يكون المسرح الكبير للدارالبيضاء كبيرا بترسيخه لثقافة الإنتماء لهذا الوطن من خلال ترسيخه لثقافة الإعتراف و بأن يكون هذا المسرح امتدادا للمسرح البلدي ببعده التاريخي والثقافي حتى يحقق المصالحة الوطنية مع رموز الحركة المسرحية و النضالية المغربية و أن يحمل اسم عميد المسرح المغربي الأستاذ عبدالقادر البدوي أسد المسرح المغربي.
على أن يخصص هذا المسرح فضاء يعرض ذاكرة مسرح عبدالقادر البدوي لما يزيد عن سبعين سنة يوثق لجزء كبير من تاريخ المسرح المغربي من نافذة مسرح عبدالقادر البدوي مثلما هو الحال في مختلف مسارح العالم التي تحتضن رموزها المسرحية و أرشيفهم الفني و تاريخهم حفاظا على الذاكرة الثقافية الوطنية، وعلى الموروث الثقافي اللامادي المغربي، حتى تتواصل الأجيال الصاعدة مع تاريخ بلدها و أمتها عبر مفكريها وفنانيها و رموزها الثقافية و المسرحية، وحتى يتعرف الآخر على تاريخنا الثقافي الوطني. وبهذه المناسبة نثمن مشروع الورش الكبير الذي فتحه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله من أجل صيانة الثراث اللامادي المغربي .
كما نتمنى أن يحظى مسرح البدوي بصفته أعرق مسرح في المغرب و في مدينة الدارالبيضاء بشرف افتتاح المسرح الكبير بأحد عروضه المسرحية و هو المسرح الذي يحتفل هذه السنة بالذكرى السبعين على تأسيسه،
ويسعدنا من خلال هذا البيان أن ندعوا القائمين على الإشراف على مشروع المسرح الكبير بالدارالبيضاء للتواصل مع أطر مسرح البدوي حتى نكون جزء من هذا المشروع الثقافي و حتى نكون مشاركين في هذا الحدث الثقافي الوطني.
مسرح البدوي منذ سنة 1952 والمسيرة مستمرة…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى