أخطأت يا الحري ضربت البردعة وتركت حمارك أمام العربة
الميزان / الدار البيضاء: ذ.محمد الشمسي

almizan.ma
يبدو أن نضالات المحامين لإحقاق عدالة ضريبية تليق بحق المواطن في الولوج إلى العدالة تغضب جريدة الصباح كثيرا، وكأن الجريدة “الملونة” تحولت إلى ناطق رسمي باسم جهة ما تبعث بعض الشظايا الصغيرة لتهديدات هوجاء في صفوف رجال ونساء هيئة الدفاع.
فرئيس تحرير الجريدة السيد خالد الحري عاد مجددا ليقتات له من بقايا الجيفة، جيفة “تجييف” الحق الدستوري في الإنصاف وفي المحاكمة العادلة، عن طريق الرفع من قيمة الضريبة على القيمة المضافة إلى حدود 20% وجعلها على عاتق المتقاضي المثقل أصلا بمستلزمات الحياة المعيشية الغالية والباهضة، ناهيكم عن إلزام المحامي بضرائب جديدة حتما سترفع من قيمة خدماته و أتعابه أمام موكليه، فالمحامي ليس مؤسسة تضامنية تكافلية ليؤدي من جيبه، ثم إن ذهابه إلى المحكمة وفتحه لصحيفة الدعوى إنما دفاعا وصونا لحقوق موكله وبالتبعية فالموكل يتحمل كل عبء ضريبي.
السيد الحري أدلى بدلو مثقوب في البئر الخطأ، كشف من خلاله عن عوزه المعرفي في المادة القانونية، حين انتحل صفة وكيل الملك واتهم المحامين بعرقلة حرية العمل، هاتفا مناديا بتنزيل مقترحه، وقبل أن نصحح اتجاه بوصلة الحري، نعبر له عن كبير آلامنا وأوجاعنا أن يقف صحفي في وجه وقفات احتجاجية مشروعة، وأن لا يغوص في صلب المسألة من أنها تضييق على المتقاضين في الحق في التقاضي بلا حواجز ولا موانع ولا شروط مالية، عهدي بالصحفي أنه ينتصر لهذه الحقوق والمبادئ الدستورية والكونية ولا ينتصر للجهة الداعمة بعقود الإشهار، أو موالاة حكومة الأصدقاء والأسياد.
أعود لأقدم تصويبا للفقيه الحري بأنه شتان بين نضال المحامين وتضحيتهم بأرزاقهم ووقتهم وصحتهم لأجل عدالة بلا ضريبة، ولأجل محاكم مفتوحة للميسورين و المعوزين على حد سواء، وبين إفك عرقلة حرية العمل الذي رميت به احتجاج المحامين المشروع، وأحيلك على الفصل 288من القانون الجنائي الذي يتوسع في تهمتك التي سطرها لك غيرك دون أن يشرحها لك فورطك أن كشف إما جهلك أو تحاملك، فتهمتك ساقطة من كل اعتبار لأنها تتعلق باستهداف العمل الجماعي داخل شركة أو مقاولة، وتتحدث عن حرية الصناعة وعن العمل داخل الشركة أو المقاولة وتشترط اعتماد الجاني على الإيذاء أو العنف أو التهديد أو التدليس، وهنا لا يصح قولك إلا إذا كنت تعتبر المحاكم شركات أو مقاولات، وترى المحامين عمالا فيها، وتجد في نضالهم السلمي والحضاري إيذاء أو عنفا أو تهديدا أو تدليسا، وأنت لا تذكر لنضالهم ولو حسنة واحدة.
وإذا كنت قد ختمت افتتاحيتك أو تحريضك على المحامين بأنه جرى وضع الحمار أمام العربة فاسمح أن أقول لك أنك ضربت البردعة وتركت حمارك أمام عربتك، فأنت لم تهتم لحال إضرام النيران في الحق في اللجوء إلى المحاكم عن طريق تضريبها “ضربا مبرحا” ولم تشفق على أفواج المتقاضين الذين ستدفعهم ظروفهم إلى التوجه الى المحاكم مدعين أو مدعى عليهم، متهمين أو أطراف مدنية، هؤلاء مع قانون المالية لسنة 2023 سينطبق عليهم المثل ” خلص عاد دعي”، هؤلاء يا سيد الحري لم يجدوا في بقعتك الورقية التي تحوزها لم يجدوا منك سندا ولا دعما، هؤلاء المستضعفين خرج المحامون للدفاع عنهم بعدما تواطأ أنصار الحكومة وعشاق الليبرالية المتوحشة ضدهم ولم يروا فيهم سوى بقرا حلوبا…
عد إلى ميثاق أخلاق الصحافة الذي قرأناه سويا حين كنا طلبة في معهد الصحافة إن كنت قد مررت من معهد الصحافة، أو أدر بطاقة النقابة الوطنية للصحافة المغربية لتقرأ ما كتب خلفها ، ستجد أن الصحافي ينحاز للقيم الكبرى ولا ينجر خلف الدسم مثل قطط الموائد، وأن الصحافي يناصر حقوق الشعوب والأمم في الوصول إلى ما ضمنته لها الدساتير المتواترة والاتفاقيات الدولية وعلى رأسها الحق في عدالة بلا إكراهات مالية ضريبية مرهقة، وينتظرك قراء جريدتك الذين يشترونها فتضيق على جيوبهم، ينتظرون سطرا أو سطرين تنتصر لهم وتعيب على مموليكم في الحكومة أن الحق في التقاضي للجميع هو الخط الأحمر الذي عليك التسطير عليه مثنى وثلاثا، وليس التحامل على المحامين الذين ضحوا بصحتهم ووقتهم وأرزاقهم ليتصدوا لقانون خوصصة المحاكم، ولقانون محاكم خاصة بالاغنياء ولقانون يحرض الفقراء المعوزين على اتباع قانون”شرع اليد” مادام باب القضاء بات بعيد المنال…
ننتظر جميعا توبتك بعودتك لعقيدة الصحافة التي تشايع المبادئ الكونية لا صحافة تحت الحاجة وافتتاحيات تحت الطلب…