قضايا المجتمعكتاب الراىمنوعات

هل المهنية في التعليم هي نفسها في باقي المهن؟ ما رأيك؟

الميزان/ الدار البيضاء: د. منال الراوي

almizan.ma

هل المهنية في التعليم هي نفسها في باقي المهن؟ ما رأيك؟
الميزان/ الدار البيضاء: د. منال الراوي
جوابي على هذا السؤال هو لا.
المهنية le professionalisme تختلف باختلاف المهن وخصوصا بين المهن ذات الطابع الإنساني الاجتماعي (مثلا الطب التمريض التعليم…) والمهن المرتبطة بالمادة (الهندسة المدنية، الميكانيكية، العمران…) أو بالمال (التجارة، الصرف…).
عندما تقرر أن تدخل مهنة التعليم فأنت تختار صناعة الإنسان عوض صناعة السيارات مثلا. وكما أن العلم قطبين (قطب علوم دقيقة وقطب علوم إنسانية) فأنت تدخل هذا القطب المركب الذي له من التحديات ما للعقل البشري من تعقيدات.
تتعدد المهن المرتبطة بالإنسان، لكن التعليم أعقدها لأنك بهذا الاختيار تفرض نفسك في مسار حياة شخص ما بل أجيال عديدة. لهذا فالمهنية (أي آداء المهمة كما يجب) سيكون لها لون خاص لنلقي عليها نظرة هنا من زاوية جديدة: زاوية الجالس على دكة التعلم.
ماهو التعليم وماهي المدرسة؟
أولا أكاد أجزم أن التعليم هو أقدم مهنة في التاريخ بما أن الإنسان ما أن أصبح يعيش في مجموعات حتى أصبح ينتدب من يعلم النشء الصيد.
يولد الطفل داخل أسرته وهو ينفتح كل يوم على محيط أكبر. في الأول، يتعرف على أبويه وإخوته ثم غرف بيته ليخرج بعد سنوات قليلة للحي. ما أن يعي شساعة هذا العالم الصغير حتى يأتي وقت التحاقه بالمدرسة مثله مثل من سبقه.
يدخل ذلك البناء إما فرحا أو باكيا لأنه خائف أو غير مرتاح لتتحول حياته بين بيتين (القسم والمنزل).
تمر السنين ويكون يوما بعد يوم فهما أكبر لهذا العالم الصغير وللعوالم الأكبر.
لنعد إلى ذلك الطفل الذي يعيش الآن بين بيتين. عوض أن يبقى في بيته وحيه الصغير، وجد نفسه في بيت ليس ككل البيوت. بيت مكتض وفيه مالك واحد فكيف يعتبره بيته الجديد؟ وهل يحتاج أن يعتبره بيتا أم زنزانة؟
سرعان ما يتعلق هذا الطفل بهذا البيت وبرفقاء هذا الدرب ومالك هذا البيت فيرفض أن يغادره ويتشوق للذهاب إليه. إن سألته يقول: هذه مدرستي أنا وهذا قسمي أنا وهذا أستاذي أنا. فلماذا؟
لأن المهنية في التعليم لها طعم خاص. تتطلب الجدية في العمل لكن البسط في المعاملة. هي مهنة نعيش فيها مع التلاميذ قصة خروج العصفور الصغير من العش ليطير في السماوات.
نعلمهم لكن نتعلم معهم ونعيش معهم الفرح والتفاءل بغد أفضل وسائر الأحاسيس التي تدفعنا للعمل أكثر. فتجد في القسم ألعابا وتحديات وقصص متنوعة من الحياة. فمن منا لم يترك لديه أستاذ ما ذكرى طيبة.
تحية لأستاذتي زينب التي درستني في رياض الأطفال. لا أعرف إن كان رياضها مفتوحا لليوم في إقامة الحبوس ببنسليمان. في ذلك الروض كنت أمسك يد أختي الكبرى لأطل على العالم الفسيح بعيني الصغيرتين.
تحية لكل الأساتذة والأستاذات
صناع الإنسان
د. الراوي منال
أستاذة علوم التربية
باحثة في مجال علم النفس التربوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى