القانــونقضايا المجتمعكتاب الراىمنوعات

قراءة في المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية

الميزان/ أكادير: ذ. الحسين بكار السباعي

almizan.ma

قراءة في المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية
الميزان/ أكادير: ذ. الحسين بكار السباعي
بداية سأعود بك عزيزي المتلقي إلى المناظرة الوطنية التي إنعقدت بمدينة الصخيرات سنة 2015 ، حول السياسة العقارية للدولة ودورها في التنمية الاقتصادية والإجتماعية، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة محمد السادس، والذي أكد فيها جلالته من خلال رسالته السامية، الموجهة لمختلف الفعاليات المشاركة، أن العقار يعتبر عامل إنتاج استراتيجي، ورافعة أساسية للتنمية المستدامة بمختلف أبعادها.
فالعقار ياسادة، هو الوعاء الرئيسي لتحفيز الاستثمار المنتج، المدر للدخل والموفر لفرص الشغل، ولانطلاق المشاريع الاستثمارية في مختلف المجالات الصناعية والفلاحية والسياحية والخدماتية وغيرها.
فضلا على أنه المحرك الضروري للاقتصاد الوطني، فهو يعمل على توفير الأرضية الأساسية لإقامة مختلف البنيات التحتية، والتجهيزات العمومية، كما تنبني عليه سياسة الدولة في مجال التعمير والتخطيط العمراني، إنه الآلية الأساسية لضمان حق المواطنين في السكن….
وقد دعى جلالته من خلال رسالته السامية أعلاه ، إلى ضرورة اللإنكباب على مراجعة وتحديث الترسانة القانونية المؤطرة للعقار، بشقيه العمومي والخاص، بما يضمن حماية الرصيد العقاري وتثمينه، والرفع من فعالية تنظيمه، وتبسيط مساطر تدبيره، لتمكينه من القيام بدوره في تعزيز الدينامية الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا .
ولا غرابة اليوم أن يقوم واضع القاعدة القانونية بقراءة جديدة للمادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية ، وعيا منه بأهمية التوثيق في تحقيق الأمن التعاقدي، ودوره الهام في حماية الملكية العقارية تطبيقا للفصل 35 من الدستور المغربي، ومن أجل سد الطريق على المتلاعبين بها فيما يعرف بمافيا العقار، وتجازوا للقصور التي كان يعرفه الفصل 489 من قانون الالتزامات والعقود، تدخل المشرع بموجب المادة 4 من مدونة الحقوق العينية التي يمكن تبسيطها وتقريبها لعموم المواطنين في ثلاث مقتضيات:
أولا: وجوب توثيق التصرفات العقارية والوكالات الخاصة بها في محرر رسمي أو عرفي تحت طائلة البطلان بما في ذلك الوعد بالبيع الذي أضيف بموجب التعديل الأخير الذي عرفته مقتضيات المادة 4 من نفس القانون، وهذا يعني أن الكتابة هنا هي شكلية انعقاد وليس اثبات.
ثانيا: ترك الاختيار للمتعاقدين بين اللجوء للمحرر الرسمي أو العرفي لإبرام مختلف التصرفات التي ترد على العقارات.
ثالثا: منح احتكار تحرير المحرر العرفي للمحامين المقبولون للترافع أمام محكمة النقض دون غيرهم.
ونشير أنه من أجل ضمان التطبيق السليم للمقتضى الأخير تدخل المشرع بموجب تقنية التجريم والعقاب ليحدث الفصل 359.1 من مجموعة القانون الجنائي الذي بموجبه يعاقب بالعقوبات المقررة في الفصلين 352 353 من نفس القانون كل محام مؤهل قانونا لتحرير العقود الثابتة التاريخ طبقا للمادة 4 من مدونة الحقوق العينية ارتكب أحد الأفعال المشار إليها في الفصلين أعلاه (أي التزوير المادي أو المعنوي). ومن تم أصبح المحامي بدوره مثله مثل العدول والموثقين مشمولا بمقتضيات القانون الجنائي اثناء تحريره للتصرفات التي ترد على الملكية العقارية.
إن الوعد بالبيع أصبح و طبقا لهذا التعديل ، مشمولا بحماية قانونية تتمثل فكونه :
أولا : أصبح الوعد بالبيع المتعلق بالعقارات خاضعا للشكليات الواردة في المادة 4 من مدونة الحقوق العينية وفي ذلك انهاء للنقاش الفقهي والقضائي الذي أثير حوله وحول الجهات المؤهلة لتحريره، وهذا ما سيؤدي إلى تحقيق الأمن التعاقدي والقانوني والقضائي في مثل هذه التصرفات مستقبلا.
ثانيا: أصبح الوعد بالبيع المتعلق بالعقارات مشمولا بمقتضيات الفصل 359.1 المشار إليه أعلاه. وهي ضمانة أكيدة لحماية هذا النوع من التصرفات.
وختاما ، فإن توثيق التصرفات العقارية بما فيها الوعد بالبيع، وتأطيرها بالمادة 4 من مدونة الحقوق العينية هو أحد المداخل الكبرى للحد من الإشكاليات التي يعرفها العقار في بلادنا ،خاصة مع انتشار ما يعرف بمافيا العقارات ،حيث أضحى الوسيلة الوحيدة لضمان إستقرار المعاملات العقارية وشفافيتها.

ذ/ الحسين بكار السباعي
محام وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى