السياسيةقضايا المجتمعكتاب الراىمنوعات

الحرية، بين صمت الأقفاص وصوت الضمير

الميزان/ الرباط: بقلم أ. عبده معروف

almizan.ma

الحرية، بين صمت الأقفاص وصوت الضمير
الميزان/ الرباط: بقلم أ. عبده معروف
في زمنٍ تاهت فيه البوصلة، وتبدّلت فيه المفاهيم، أضحى الحديث عن الحرية ضربًا من الترف، والتمسك بها تهمةً تستوجب العقاب، وأصبحنا نعيش في عالمٍ يُكافأ فيه الصامت، ويُعاقب فيه الناطق بالحق، حتى غدت الأقفاص مأوىً للطيور، ومثوىً للأحرار، تُروى قصةُ هرّةٍ صغيرةٍ، حبستها الأقدار في غرفةٍ مظلمة، فامتنعت عن الطعام والشراب، وراحت تموء بحرقةٍ، تترجى من يُنقذها من سجنها، وما إن فُتح لها الباب، حتى انطلقت تعدو في الفضاء، تنشد الحرية التي فُطرت عليها. فهل أدرك الإنسان ما أدركته تلك الهرة؟ فالحرية ليست مجرد كلمةٍ تُتلى في المحافل، ولا شعارٍ يُرفع في المظاهرات، بل هي نبضُ الحياة، وروحُ الوجود، هي الحقُّ الذي لا يُمنح، والكرامةُ التي لا تُشترى؛ فمن عاش محرومًا منها، عاش في ظلمةٍ حالكة، يتصل أولها بظلمة الرحم، وآخرها بظلمة القبر، …لقد آن الأوان أن نُعيد للحرية اعتبارها، وأن نُدرك أنها ليست ترفًا، بل ضرورةٌ لا غنى عنها؛ فلنرفع صوتنا عاليًا، ولنُعلن أن للحق وجهًا واحدًا، لا تشوبه شائبة، ولا يُزيفه باطل؛ فلنكن كما أرادنا الله: أحرارًا في فكرنا، صادقين في قولنا، شجعانًا في موقفنا، ولنُدرك أن الصمت عن الحق، مشاركةٌ في الجريمة، وأن السكوت عن الظلم، خيانةٌ للضمير؛ فلنُحيي في أنفسنا روح الحرية، ولنُشعل في قلوبنا نار الكرامة، ولنجعل من صوتنا سلاحًا في وجه الطغيان، ومن قلمنا نورًا يُبدد ظلمات الاستبداد؛ فالحرية شمسٌ يجب أن تُشرق في كل نفس، ومن عاش محرومًا منها، عاش في ظلمةٍ لا يُبددها إلا نورُ الحق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى