السياسيةالفقه والشريعةقضايا المجتمعكتاب الراىمنوعات

*”وذكّرهم بأيام الله”*؛      قراءة في المعنى القرآني والامتداد الوطني في ذكرى المسيرة الخضراء المباركة ويوم الوحدة المغربية..

الميزان/ الجديدة: الدكتور عبد الرحيم أشن

almizan.ma

*”وذكّرهم بأيام الله”*؛
قراءة في المعنى القرآني والامتداد الوطني في ذكرى المسيرة الخضراء المباركة ويوم الوحدة المغربية..
الميزان/ الجديدة: الدكتور عبد الرحيم أشن
*مقدّمة*:
قال الله تعالى:
“وذكّرهم بأيام الله إن في ذلك لآيات لكل صبّار شكور” (إبراهيم: 5)
تتجدّد في تاريخ الأمم لحظات تصنع الوعي، وتُجدد الإيمان، وتُثبت أن الله يُداول الأيام بين الناس.
وفي مغربنا الحبيب، تتابعت أيام الله على مدى العقود، منذ فجر الاستقلال إلى يومنا هذا، لتتوج مسيرة الإيمان والوفاء بحدثين خالدين:
– *المسيرة الخضراء في السادس من نوفمبر 1975*،
– *ويوم الواحد والثلاثين من أكتوبر سنة 2025*، حيث تزامن القرار الأممي المؤكد لمغربية الصحراء مع ذكرى المسيرة، فكان ختام مسك لمسيرة نصف قرن من الجهاد السلمي، والوحدة الوطنية، والسياسة الحكيمة بقيادة أمير المؤمنين، جلالة الملك محمد السادس نصره الله.
*أولا: “أيام الله” في ضوء القرآن*:
*1. معناها الجامع*:
أيام الله هي الأيام التي تجلت فيها قدرته ونصره وآلاؤه على عباده، وهي ليست حوادث ماضية فقط، بل سنن مستمرة تتجدد كلما نهض المؤمنون بالحق والصبر والشكر.
*2. التذكير بها سبيل للتزكية والشكر*:
فالتذكير بأيام الله يُجدد الإيمان، ويرسّخ الصبر، ويُثمر الشكر.
ولذلك قال تعالى:
*”إن في ذلك لآيات لكل صبّار شكور”*..
أي أن من يستحضر يد الله في التاريخ، يزداد ثباتاً وامتناناً في الحاضر.
*ثانيا: المسيرة الخضراء — يوم من أيام الله في مغرب الإيمان*:
المسيرة الخضراء لم تكن حدثاً سياسياً فحسب، بل كانت ملحمة روحية، خرج فيها المغاربة رجالاً ونساءً يحملون القرآن الكريم، ليعلنوا للعالم أن القوة في الإيمان لا في السلاح، وأن الوحدة سبيل النصر.
لقد جسّدت المسيرة معنى *”وذكّرهم بأيام الله”*، لأنها أعادت للأمة المغربية وعيها بذاتها، وربطت الوطن بالإيمان، والسياسة بالأخلاق، والتاريخ بالعقيدة.
*ثالث: 31 أكتوبر — يوم الوحدة المغربية، ختام المسيرة وبداية التمكين*:
*1. تزامن القدر بين الماضي والحاضر*:
شاء الله تعالى أن يتزامن يوم 31 أكتوبر 2025 مع حدثٍ تاريخيٍ جديدٍ في سجلّ المغرب، إذ صوّت مجلس الأمن الدولي لصالح الاعتراف الواضح بسيادة المغرب على صحرائه، منهياً بذلك عقوداً من التنازع الدبلوماسي والجهد السياسي المتواصل.
هذا التزامن الإلهي العجيب بين ذكرى المسيرة الخضراء وقرار الاعتراف الدولي يُعدّ من أيام الله العظام التي يُذكّر بها عباده ليزدادوا شُكراً وإيماناً.
*2. ختام مسك لمسيرة نصف قرن*:
لقد جاءت هذه اللحظة ثمرة لجهودٍ متواصلةٍ وصبرٍ طويلٍ قادها الملوك العظام، من الحسن الثاني رحمه الله إلى الملك محمد السادس نصره الله، الذي وحد الصف، وحافظ على المقدسات، وثبّت الحقوق بالحكمة والمواقف الثابتة.
فبفضل التوفيق الإلهي والسياسة الرشيدة، تحقق وعد الله للمؤمنين بالنصر بعد الصبر:
*”إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد”*.

*3. إعلان جلالة الملك يوم 31 أكتوبر “عيداً للوحدة”*:
بمبادرة حكيمة، أعلن مولانا أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس هذا اليوم التاريخي عيداً للوحدة المغربية، ليصبح محطة سنوية للشكر والاعتراف بفضل الله، وتذكيراً دائمًا بأن النصر لا يُستجلب إلا بالصبر والعمل والإيمان.
*4. البعد الروحي والسياسي في هذا الحدث*:
هذا الحدث يختزل معاني التمكين بعد الصبر، والوحدة بعد التشتت، والاعتراف بعد النضال.
إنه رسالة ربانية إلى الأمة أن الله لا يضيع أجر المخلصين، وأن أيام الله تتجدد في التاريخ الحديث كما تجددت في قصص الأنبياء والأمم السابقة.
*رابع: الأبعاد النفسية والتربوية لعيد الوحدة*:
*1. نفسياً*: يعزز الإيمان بالقدرة الوطنية، ويُعيد بناء الثقة الجماعية، ويغرس شعوراً بالعزة والانتماء.
*2. تربوياً*: يُعلّم الأجيال أن الصبر والجد والاجتهاد أقصر طريق للنصر.
*3. روحياً*: يُوقظ في القلوب معنى الشكر العملي لله، لأن النصر عطية ربانية تستوجب دوام الحمد.
*4. وطنياً*: يُجدد العهد بالوحدة تحت إمارة المؤمنين، رمز الأمن الروحي والسيادة الجامعة.
*خامسا: الشكر العملي على نعمة النصر والوحدة*:
قال تعالى:
*”اعملوا آل داود شكراً وقليل من عبادي الشكور”*..
فالشكر لا يكون باللسان فقط، بل بالعمل والإخلاص والبذل.
ومن صور الشكر اليوم:
– تعزيز قيم الوحدة في المدارس والإعلام والمجتمع.
– حفظ العهد مع الشهداء والمجاهدين الذين بنوا هذا الوطن.
– دعم القيادة الشرعية بإخلاص وصدق.
– الإسهام في نهضة الوطن بالعلم والعمل والإتقان.
*خاتمة*:
يوم 31 أكتوبر 2025 لم يكن يوماً عادياً، بل يوم من أيام الله في مغرب الإيمان، تزامنت فيه نعمة الذكرى مع نعمة النصر، ليصبح بحق عيداً للوحدة المغربية.
فهو خاتمة مسكٍ لمسيرةٍ بدأت بالإيمان والخشوع، وانتهت بالتمكين والشكر.
*”وذكّرهم بأيام الله إن في ذلك لآيات لكل صبّار شكور”*.
فالحمد لله الذي أتم علينا نعمته، وحقّق لنا وعده، وأكرمنا بقيادةٍ راشدةٍ تسير على هدي النبوة وتبني الوطن على الإيمان.
فاللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك،
الحمد لك يا ربنا على نعمك التي لا تُعدّ ولا تُحصى،
الحمد لك على ما أنعمت به على مغربنا الحبيب من أمنٍ وإيمانٍ، ووحدةٍ وعزّةٍ، ونصرٍ وتمكين.
اللهم كما جمعت قلوب المغاربة على الإيمان يوم المسيرة الخضراء،
فاجمعهم اليوم على الشكر والعمل والوفاء في عيد الوحدة المغربية.
اللهم اجعل هذا اليوم يوماً مباركاً من أيامك الخالدة،
نذكُر فيه فضلك، ونعترف فيه بجميل عطائك، ونسألك دوام النعم ودوام الحمد.
اللهم احفظ بلادنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن،
وأحطها بعينك التي لا تنام،
ووفق مولانا أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس نصره الله لما فيه خير البلاد والعباد،
وأدم عليه الصحة والعافية والتوفيق والسداد،
واجعل مسيرته في الإصلاح والبناء امتداداً لأيامك المباركة في هذا الوطن الأمين.
اللهم بارك في شعبنا الوفي، وفي علمائنا ومربينا، وفي شبابنا ورجالنا ونسائنا،
واجعلنا من الصبّارين الشكورين الذين إذا أنعمت عليهم شكروا، وإذا ابتليتهم صبروا، وإذا وُجهوا إلى الخير استجابوا.
اللهم احفظ مغربنا بالإيمان، وبارك في وحدته وأمانه،
واجعل أيامه كلّها أيامَ فضلٍ ونورٍ وذكرٍ وشكر.
*”رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”*..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى