almizan.ma
نهاية انتفاضة 20 دجنبر ببلاغ “أهل السبت”
محمد الشمسي
لم يسبق أن تداعى الأكلة على عشيرة المحامين كما وقع في 20 دجنبر 2021 وما يليه، ولم يكن المحامون يومها قلة بل غثاء كغثاء السيل، لكن أصابهم الوهن حين آثروا المنافع الضيقة وشحذوا الألسنة وأحدُّوها، وهاجموا بعضهم البعض والمهنة تنزف، يوم أحبوا سخاء وعطاء المهنة لكنهم كرهوا المهنة، فلما استغاثت بهم قالوا لها اذهبي أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون…
اعذرينا أيتها الأبية الرفيعة المتعاظمة الأصيلة الجليلة، فقد خذلناك، لأننا جيل المجعجعين والمتناحرين والمتنازعين، ولا تؤاخذينا أو تلومينا فإن ذعْرا يستحوذ على كل مفاصلنا ويتملكنا ويغشانا من أخمص القدم إلى “قلقولة الرأس”، ولا ندري له سببا، فنحن نريد أن نكون عكس ما نحن عليه لكننا لا نقدر ولا نستطيع ، نشعر أننا منجذبون صوب الخنوع والخضوع ونستطيبهما، ونجد في الثورة والمجد وجعا وألما بل وخفقة قلب، ونصنع لنا شبحا بل أشباحا ونوهم أنفسنا أننا ندافع عن….والحال أننا ندافع عن خوفنا ورعبنا، سامحينا فأنت مثل شريعة بتعاليم سمحة ضل أتباعها وكفروا فعبدوا العجل، فصبرا معنا نحن جيل الجلبة والأقوال، وسيهبك الله جيل الرفعة والأفعال…
انتهت انتفاضتنا الصغيرة ببلاغ “أهل السبت”، بلاغ مُضحك بلغة “يؤكد ويحيي ويدين ويدعو ويعلن ويرفض”، بلاغ الوعد والعيد الأجوفين الخاويين، بلاغ ثالث لعله كفارة عن إثم البلاغ الأول، لاسترضاء الجمعيات العمومية لتدجينها واستلاب أصواتها في انتخابات باتت لا تختلف كثيرا عن انتخابات الجماعات القروية، ذكرني بلاغ “أهل السبت” ببلاغات جامعة الدول العربية، فالصهاينة استحكموا في القدس والجامعة تستنكر وتشجب وتدعو وتدين…لكن محصلة بلاغهم تُوجَز في كلمتين هما “لا شيء”…
أيتها السامية العالية لقد منعونا من محاكمنا وصدونا عنها وب”البوليس والمخازنية والسيكيرتي” وبلا قانون ولا دستور، ثم فكروا وقدروا ثم نظروا ثم عبسوا وبسروا ثم أدبروا واستكبروا فقرروا إرجاعنا إلى محاكمنا على مزاجهم، وبتنا نخشاهم أن يحاصروننا فيها ويطوقوننا ثم يبيدوننا كالهنود الحمر وما ذلك عليهم بعزيز، فالمحاكم محاكمهم، يفتحونها وقتما شاءوا ويقفلونها في وجه من شاءوا، والبوليس بوليسهم، والقانون عجينهم الذي يصنعون منه ما يحلو لهم…
انتهت ثورة 20 دجنبر ونعدك أننا سنجعل من 20 دجنبر من كل سنة تذكيرا وذكرى، نبكي فيها أسفا وخجلا، ونتخذ من حيطان المحاكم مبكى، فالبكاء يشفي وإن كان لا يجدي…
انتهت انتفاضة 20 دجنبر المباركة برفع البذلة السوداء استسلاما، فلا ندم ولا ورفث ولا فسوق ولا جدال، فنحن نستحق الهزيمة لكنهم قالوا قديما “الهزيمة حالة عارضة، أما الاستسلام فهو ما يجعلها حالة دائمة”…
(عذرا من الشجعان الحقيقيين المؤمنين بنبض المهنة على قلتهم …عذرا منهم… فلعله عيب شكلي أن نضع كل البيض في سلة واحدة)…