“الحركة الشعبية” تقترح تدابير وإصلاحات لصيانة القدرة الشرائية للمغاربة
الميزان / الرباط: متابعة
almizan.ma
عقد حزب الحركة الشعبية جامعته الشعبية، أمس السبت في قصر المؤتمرات بمدينة سلا، في إطار فعاليات أكاديمية لحسن اليوسي، مواكبة منه للنقاش العمومي والنهوض بمسؤوليته الدستورية في التأطير المجتمعي وممارسة مهامه في الوساطة السياسية، وإيمانا منه بنقل الحراك الاجتماعي إلى حراك مؤسساتي، والترجمة المؤسساتية لصوت الشارع ونبض المجتمع.
وتميزت أشغال هذا الفضاء الحواري، الذي افتتحه امحند العنصر، رئيس الحزب، ومحمد أوزين، الأمين العام للتنظيم السياسي نفسه، بكلمة تأطيرية ومشاركات تفاعلية لإدريس الأزمي الإدريسي ومحمد جمال معتوق وعدي السباعي وثلة من الخبراء والأكاديميين وفعاليات سياسية ومهنية تداولت حول وضعية منظومة الأسعار وغلاء تكاليف المعيشة والحلول البديلة الكفيلة بالخروج من نفق هذه الأزمة الحادة بطابعيها الاقتصادي والاجتماعي.
وخلصت الجامعة الشعبية إلى تجميع المقترحات والتوصيات في عنوان البديل الحركي لمواجهة غلاء المعيشة في صيغة عشرة إجراءات آنية، وعشرة تدابير على المدى المتوسط، وعشرة إصلاحات استراتيجية.
إجراءات آنية
تضمنت الإجراءات الآنية لخفض الأسعار وحماية القدرة الشرائية للمواطن التعجيل بإقرار دعم مباشر للأسر المعوزة، وتعبئة هوامش الميزانية عبر مرسوم قانون لدعم القدرة الشرائية، وكذا مراجعة سياسة التصدير، خاصة في المواد الغذائية الأساسية للمغاربة كالخضر.
كما دعت إلى ضرورة إعادة النظر في اتفاقيات التبادل الحر، وإعمال آلية التضامن الوطني، ومأسسة الدعم الاجتماعي، علاوة على وضع برنامج استعجالي لدعم الساكنة المتضررة من البرد والصقيع والتساقطات الثلجية، وإعمال الإعفاءات الضريبية المؤقتة، والتسقيف المؤقت لأسعار بعض المواد الأساسية من خلال استعمال الوجه الإيجابي لقانون حرية الأسعار والمنافسة، خاصة المادتين 2 و4 اللتين تسمحان للحكومة بتسقيف مرحلي لأسعار بعض المواد الأساسية عند تجاوزها السقف المعقول مثل المحروقات والزيوت والحبوب والخضر الأساسية.
ولتفعيل الإجراءات الضريبية دعت الجامعة الشعبية إلى عقد دورة استثنائية للبرلمان في أقرب وقت أو العمل بمرسوم قانون، وتوسيع مجال المراقبة ليشمل مختلف مجالات المنظومة الغذائية، وتفعيل توصيات المجلس الأعلى للحسابات. كما طالبت مجلس المنافسة بالنهوض بأدواره ومهامه في المراقبة وضبط قواعد المنافسة، ودعت الحكومة إلى الوفاء بوعودها الانتخابية.
تدابير على المدى المتوسط
بخصوص التدابير على المدى المتوسط، دعا المصدر ذاته إلى إحداث مؤسسة وطنية لليقظة وتتبع المؤشرات والرصد الاستباقي للأزمات الطارئة والمتوقعة، وكذا التعجيل بوضع الآليات القانونية والتنظيمية والتمويلية لتوفير مخزون احتياطي واستراتيجي للمواد الغذائية والنفطية والصحية.
كما اقترح البديل الحركي تنظيم وتقنين أسواق الجملة وإعادة هيكلتها، ومراجعة نظام العمل بالوكلاء، ووضع تشريع قانوني للحد من هدر المنتوجات الوطنية، إلى جانب تعزيز الرقمنة، وتطوير وتشجيع الاستثمار العمومي والخاص في مجال الصناعة الغذائية، بالإضافة إلى إصلاح وتنظيم مجازر اللحوم وإعادة هيكلتها، وتطوير آليات التخزين، وتقنين قطاع الدواجن، وتقييد نظام الوساطة في الأسواق، ومراقبة الذبيحة السرية والمجازر العشوائية.
وتضمنت التدابير المقترحة من قبل البديل الحركي كذلك تحيين المنظومة القانونية المتعلقة بالأمن الغذائي في كل مراحله، من الإنتاج إلى الاستهلاك، وتطوير السلامة الغذائية والحد من المخاطر الصحية، ووضع برنامج لتطوير الثقافة الغذائية، ودعم التعاونيات وتجميع الفلاحين الصغار لضمان تسويق منتوجاتهم، ثم تطوير قطاع التأمين الفلاحي، وتقنين وتنظيم سلسلة الأعلاف، وتنويع مصادر التمويل بفوائد مخفضة من طرف مختلف الأبناك بدل التركيز فقط على القرض الفلاحي.
إصلاحات استراتيجية
ضمن الإصلاحات الاستراتيجية العشرة، أوصت الجامعة الشعبية بمراجعة السياسة الفلاحية المنتهجة، وإعادة توجيه المخططات القطاعية التي ثبتت محدودية نتائجها، ومراجعة السياسة المعتمدة في الصيد البحري عبر مراجعة مخطط “أليوتيس”، ودعم الصناعات القطاعية والتخزين، وضمان الاكتفاء الذاتي في مجال الأسماك، وتموين الأسواق في مختلف الجهات والأقاليم بأسعار تراعي القدرة الشرائية للمواطنين.
كما دعت إلى اتخاذ تدابير اقتصادية بديلة للحد من التبعية الغذائية، وتحصين السيادة الغذائية الوطنية، وبناء سياسة ناجعة في مجال التشغيل بدل مواصلة العمل بالبرامج العابرة والظرفية من قبيل “أوراش” و”فرصة” و”سبيل”، والبحث عن منافذ لتهجير اليد العاملة نحو الضيعات الفلاحية في أوروبا وغيرها، والتي هي في عمقها أقرب إلى واجهة للدعم الاجتماعي منه إلى التشغيل، علاوة على إصلاح جذري وشامل لمنظومة الأجور، والنظام الأساسي للوظيفة العمومية.
واقترح المصدر ذاته مراجعة بنيوية شاملة للنظام الضريبي والجبائي بدل التدخلات الجزئية بمناسبة القانون المالي، وفق مبادئ العدالة والإنصاف، مع استحضار المعيار المجالي في تحديد النسب عبر العودة إلى العمل zoning، وإقرار توجيه مبني على معايير الخصاص المجالي ومؤشرات التنمية البشرية في مجال الاستثمارات العمومية وجاذبية الاستثمارات الخاصة، وحل إشكاليات العقار بغية توسيع قاعدة الاستثمارات الفلاحية المنتجة للأمن الغذائي والشغل.
وتضمنت الإصلاحات الاستراتيجية الرفع من وتيرة تنزيل خيار الجهوية المتقدمة، وتقوية أدوار الجماعات الترابية بغية ضمان لا تمركز القرار وفرص النمو، إلى جانب مواصلة الإصلاحات المؤسساتية والحقوقية بأجيالها الجديدة، وفي صدارتها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمجالية تعزيزا للمسار والرصيد المتميز لبلادنا في ترسيخ مغرب المؤسسات والحقوق المقرونة بالواجبات.
ودعت الجامعة الشعبية كذلك إلى اعتماد مخطط وطني لتنمية المناطق القروية والجبلية عبر رؤية متناسقة ما فوق قطاعية بهدف خلق التوازن المجالي والاجتماعي، واتخاذ التدابير العملية لتنزيل دعامات النموذج التنموي في برامج الحكومة ومختلف المؤسسات العمومية والجماعات الترابية والقطاع الخاص، وترجمة روح هذا النموذج في حكامة وتدبير الشأن العام.