السياسيةقضايا المجتمعمنوعات

البعثات الفرنسية تغضب روادها وطرح الملك الراحل الحسن الثاني يلامس الواقع

الميزان / الرباط: متابعة

almizan.ma

لم تعد الأخطاء المرتكبة داخل البعثات التعليمية الفرنسية بالمغرب، في الفترة الأخيرة، حبيسة جدران هذه المؤسسات أو حديث بعض الآباء والأمهات فيما بينهم، بل تجاوزتها لتصل إلى ردهات المحاكم قبل أن تجد طريقها إلى المؤسسة التشريعية.
فمن منع الصلاة داخل المؤسسة التعليمية الفرنسية “ليوطي” بمدينة الدار البيضاء، إلى عرض المؤسسة التعليمية “بول فاليري” بمدينة مكناس خريطة المملكة مبتورة من الصحراء المغربية، إلى التشجيع على المثلية الجنسية من طرف إحدى الأستاذات داخل مؤسسة “بالزاك” بمدينة القنيطرة، إلى المس بالثوابت الدينية والوطنية.. حيث اشتكى على مواقع التواصل الاجتماعي، في لقاءات بين بعض الأسر المغربية، من سلوك بعض مدارس البعثات الفرنسية في حق التلاميذ الذين اختار لهم آباؤهم هذه المؤسسات لمتابعة تعليمهم فيها.
لم يكن هؤلاء يعتقدون أن هذه المؤسسات الفرنسية ستتحول يوما ما إلى فضاءات تسهم في تحريف سلوك أبنائهم، فتغريهم تارة بالمثلية الجنسية، وتضرب تارة أخرى ارتباطهم ببلدهم.
ودفع المس بالثوابت الدينية والوطنية للتلاميذ المغاربة داخل مؤسسات البعثات التعليمية الفرنسية إلى مساءلة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، لمعرفة التدابير التي سيتم اتخاذها في هذا الموضوع.
فقد وجهت البرلمانية حنان أتركين، عن حزب الأصالة والمعاصرة، سؤالا شفويا إلى بوريطة، أوردت فيه أن بعض مؤسسات البعثات التعليمية الفرنسية أصبحت تقوم بتصرفات تمس في العمق بثوابتنا الدينية والوطنية.
وسجلت النائبة أن هذه التصرفات “أثارت حفيظة الأسر التي لم تكن تتوقع أن تتحول الفضاءات التعليمية التي يدرس بها الأبناء إلى أماكن لتصريف حسابات سياسية والقيام بتصرفات غير معقولة، من قبيل عرض خريطة المغرب مبتورة من صحرائه، ومنع بعض المستخدمين من أداء فريضة الصلاة بأماكن معزولة بمقرات العمل، والتشجيع على المثلية، وغيرها من الممارسات المشينة”.
وقالت برلمانية “البام”، في حديث صحفي، إن آباء كثرا تواصلوا معها أشاروا إلى هذه التصرفات، مبرزة أنهم تفاجؤوا بكون أبنائهم الصغار يطرحون أسئلة حول المثلية الجنسية يجدون أنفسهم محرجين في الجواب عنها.
واستغربت البرلمانية نفسها لجوء هذه البعثات إلى بتر خريطة المغرب وكذا المس بالعقيدة الدينية من خلال منع موظفة من أداء فريضة الصلاة، ما يثير التساؤل حول هذا الأمر، لا سيما في ظل وضعية العلاقات بين البلدين.
فإذا كانت المدارس الفرنسية تمتعت بكثير من الحرية في السنين الماضية واستطاعت استقطاب أبناء العائلات الميسورة، فإن التعامل معها في ظل توالي هذه السلوكيات المعادية للمغرب، خاصة مع التوتر الذي يطبع العلاقات المغربية الفرنسية، يستلزم التغيير.
إن هذه الحوادث المتكررة والمتتالية داخل هذه المدارس، باتت تفرض تغيير طريقة تعامل السلطات المغربية معها، وفرض رقابة على المحتويات التعليمية التي تقدمها إلى التلاميذ من أبناء الوطن.
في هذا الصدد، يرى بوعزة الخراطي، عن الجامعة الوطنية لحماية المستهلك، أن الوزارة الوصية على قطاع التعليم بالمغرب “يلزم أن يكون لها الحق في مراقبة برامج البعثات الأجنبية كشرط من شروط الاعتماد لمزاولة التعليم عبر مختلف البعثات”.
وبالرغم من تأكيده أن القبول بتدريس الأبناء في هذه البعثات يعد اختيارا لتدريسهم وفق مناهج صممت للدولة الأم وطبقا لقوانينها وليس لقوانين البلد المستضيف، قال الخراطي ضمن تصريح صحفي: “نحن في دولة لها مقدساتها وعلينا الدفاع عليها”.
وشدد المتحدث على أن “ما يمكن العمل به هو اللجوء إلى المدارس الوطنية، العمومية منها والخصوصية”، على اعتبار أنه “عندما تختار وتلتزم، عليك باحترام قواعد اللعبة. وإذا لم تجد نفسك فيما يقترح عليك، فتغيير المؤسسة التعليمية هو القرار الصائب”.
وأمام هذه الأخطاء المتزايدة للبعثات الفرنسية في الفترة الأخيرة، وأمام بدء صحوة ضمير بعض الآباء والأمهات الذين تركوا المدارس الوطنية مفضلين عليها المؤسسات الفرنسية، ولو عن طريق تقديمهم شكاية ضد أستاذة بتهمة التشجيع على المثلية الجنسية، يطرح السؤال: هل يقاطع التلاميذ المغاربة هذه المدارس؟
إذا كانت “الموضة” في عصرنا الحالي، تسابق الأسر الميسورة لتسجيل أبنائها بالمدارس الفرنسية، فإن الملك الراحل الحسن الثاني كان قد أعلن بشكل رسمي، في خطاب له، عدم تدريس أبنائه، وضمنهم الملك محمد السادس، في هذه البعثات.
وقال الراحل الحسن الثاني: “هناك عدد من الناس من الطبقة العالية يدرسون أبناءهم في البعثات. أنا ولادي بعدا والله لامشاو لاميسيون، غادي ندخلهم للجامع كيف جميع المغاربة”.
فهل يقتفي المغاربة الميسورون أثر الراحل الحسن الثاني ويضعون حدا لمتابعة أبنائهم الدراسة بهذه البعثات ويعودون إلى المدارس الوطنية العمومية والخاصة تشجيعا لها وانتصارا لثوابت البلد الوطنية والدينية؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى