قضايا المجتمعكتاب الراىمنوعات

البحيرة..حين يتحول سوق عكاظ العاصمة الاقتصادية إلى ركام

الميزان/ الدار البيضاء: أميمة بونخلة

almizan.ma

البحيرة..حين يتحول سوق عكاظ العاصمة الاقتصادية إلى ركام
الميزان/ الدار البيضاء: أميمة بونخلة
قبل أيام قليلة،كان هناك سوق وسط المدينة القديمة في العاصمة البيضاء،لا فرق بينه وبين سوق عكاظ الجزيرة العربية الذي قرأنا عنه في كتب التاريخ، سوى أن عكاظ الجاهلية كان ساحة للتناظر يعرف
من خلالها جيد الشعر من رديئه، وفصيح القوم من ألكنهم،بينما سوق البحيرة تسافر بنا كتبه في عوالم الفصاحة والأدب،نيابة عن أصحابها. حاضنة جنباته أجود ما ألف في العلوم،وما لم تستطع فساحة المكتبات العصرية ضمه لرفوفها،لتقادم نسخه أو لسبب آخر.. حتى أنه قد يحدث أن تصادف في إحدى جنباته مفكرا جهبيدا أو عالما نحريرا،يطوف بحثا عن مؤلف نادر،أو كتب لم تنل رفوف مكتبته شرف استقبالها بعد.
اليوم غدا سوق البحيرة الذي ساهم في تخريج أجيال من المثقفين والأدباء،ممن يعشقون البحث عن ما ندر من الكتب،والتي كلما كل مسعاهم في إيجادها في المكتبات،لجؤوا إليه..ركاما تدروه الرياح.لم تسلم كتبه النفيسة من حملة تحرير الملك العام التي تعرفها المملكة إستعدادا لاستقبال محطات كبرى و تنزيل مشاريع هامة.وقد لا يختلف اثنان أن المشكل المطروح ليس في الحملة بحد ذاتها بل في طريقة التعامل مع موروث ثقافي وأبعاد ذلك. فمشهد تحرير الملك العام أطاح بأعمدة هذا الصرح الثقافي، حيث أصبحت كتبه النفيسة عرضة للفقد والتشتيت،وأصبح هذا الفضاء مقبرة للكتب، التي كانت في يوم من الأيام تشكل مرجعًا هامًا للباحثين وعشاق القراءة.
يروى أن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، عندما ذهب إلى عبد الرزاق بن همام الصنعاني في اليمن جلس عند قدميه، فأمره عبد الرزاق أن يرتفع فيجلس بجانبه، قال: لا، لا أجلس إلا عند قدميك، هكذا أمرنا أن نصنع مع علمائنا. و ماقام به الإمام أحمد و غيره من السلف الصالح،يعكس قمة الأدب مع حاملي العلم، ومن باب الأدب مع العلماء والمفكرين التأدب مع كتبهم الناطقة بلسان حالهم.
ولعل مرتكبي هذا الجرم في حق العلم و المعرفة لا يدركون خطورة ما وقع على مَرْأىً من الأطفال والمراهقين، الذين يلقنهم المعلم في المدرسة أدبيات التعامل مع الكتاب،مانحا إياه هيبة لا تجيز للتلميذ لي ولا شَجَّ صفحاته ،ليجدوا أنفسهم أمام منظر يناقض ما لقنوه في مجالس العلم! جرارات تحمل أندر الكتب و أنفسها لترديها طريحة كأنها نفايات أُلقيت لرداءتها أو لانتهاء مدة صلاحيتها.
فأنَّى للمعلم اليوم أن يحدث طلابه عن ضرورة التأدب مع الكتاب، ويوفر لهم بيئة معرفية تقدر الكتاب وتعزز قيمة المعرفة,وكل ما يرونه يناقض ما يتلقونه؟ ومن يتحمل مسؤولية الدفاع عن هذا الصرح الثقافي المهدد بالزوال؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى