بوريطة: لا بديل عن دولة فلسطينية مستقلة والتعاون يجمع المغرب وروسيا
الميزان/ مراكش: متابعة
almizan.ma
بوريطة: لا بديل عن دولة فلسطينية مستقلة والتعاون يجمع المغرب وروسيا
الميزان/ مراكش: متابعة
انطلقت بمدينة مراكش، زوال اليوم الأربعاء 20 دجنبر 2023، فعاليات أشغال منتدى التعاون العربي–الروسي، في دورة سادسة يُعوَّل عليها لدفع مسار التعاون بين الدول العربية وروسيا منذ توقيع مذكرة التفاهم قبل عشرين سنة، نحو “آفاق واعدة ومستويات أعلى”، وفق تعبير ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، الذي يرأس الدورة الحالية لهذا الاجتماع ذي الطابع الإقليمي على مستوى وزراء الخارجية.
الدورة السادسة لمنتدى التعاون العربي الروسي، التي انطلقت جلستها الافتتاحية بحضور سيرجي لافروف، وزير خارجية روسيا الاتحادية، والأمين العام لجامعة الدول العربية (عبر تقنية التناظر المرئي عن بعد)، عرفت حضور وزراء خارجية دول عربية ورؤساء وفودها من 16 دولة عربية، بالإضافة إلى روسيا والجامعة العربية.
وفي كلمة له بالمناسبة، بصفته رئيساً لهذه الدورة، أكد بوريطة أنه “بتوالي الدورات، وصولًا إلى هذه الدورة، يكون مُنتدانا بلغ مرحلة من النضج يُغذّيـها توافقٌ حول أهميته ونجاعته كإطار للحوار والتعاون، يكون على قدر التطلعات والانتظارات”، معتبرا اللقاء “مناسبة ملائمة لتقييم مسار التعاون العربي–الروسي، لتثمين نقاط قوته ومعالجة مكامن قصوره، وإغناء محتواه وتحديث طرق عمله، وفاء لروح الصداقة التاريخية بين روسيا والعالم العربي”.
ودعا وزير الخارجية المغربي إلى “الرُّقي بهذا المنتدى إلى مستوى حوار إستراتيجي عربي-روسي فعلي وفاعل، يكون فضاء حقيقيا للتنسيق، ولشراكة بنّاءة وعملية ومثمرة، تخدُم بشكل متوازن مصالح الطرفين وتساهم في أمن واستقرار منطقتنا العربية”، مسجلا “تطورا ملموساً شهده التعاون العربي-الروسي منذ إرساء قواعد الشراكة بين الجانبين سنة 2009”.
وعدد بوريطة، في حديثه مفتتحاً أشغال المنتدى، صفات هذه الشراكة التي يجب أن “تُبنى على الاحترام المتبادل وتعلو بالمسؤولية المشتركة، وجعلها شراكة تتفرد في مضمونها وتبقى منفتحة في حكامتها، مع جعل التضامن عنوانَها والوفاء بالالتزامات مبدأَها”، وتابع: “شراكة تُوازن بين الحرص على المصالح السياسية والاقتصادية من جهة وواقع الشركاء وإمكاناتهم وتطلعاتهم من جهة أخرى”.
ولم يُخفِ الوزير ذاته “التطلّع إلى تفكير جماعي في رسم خارطة طريق لشراكة ناجحة وفاعلة تأخذ في الاعتبار -أولا- النظر في الإطار المنظم للتعاون بين الجانبين، بغرض الانتقال به من نمط التداول السياسي التقليدي إلى مرحلة الحوار الإستراتيجي، وفق روية استشرافية تأخذ بعين الاعتبار التطورات على المستويين العالمي والإقليمي، وتراعي المصالح المشتركة للطرفين”.
أما ثانياً فيأتي “الانفتاح على هيئات وفاعلين اقتصاديين وثقافيين عبر إنشاء ‘منتدى اقتصادي وثقافي’ – كما هو الشأن في منتدى التعاون الروسي-الإفريقي على سبيل المثال؛ وهو ما من شأنه المساعدة على تجاوز منطق الحوار الدبلوماسي الكلاسيكي، نحو أنماط تعاون مبتكرة وملموسة، عبر أدوات الاستثمار والمشاريع ذات المنفعة المشتركة”، وفق المتحدث ذاته، مردفا: “نحن نؤمن بأن رافعة الاقتصاد والرأسمال البشري يشكلان عاملين حاسمين في صياغة مستقبل الشراكة العربية-الروسية”.
ونادى بوريطة إلى “التفكير في مراجعة دَوريّة اجتماعات المنتدى، بما يسمَح بالإعداد الجيد لها، وحتى يُترك الوقت الكافي لتنفيذ خطة العمل المشتركة بالتنسيق مع مختلف المتدخلين في الدول الأعضاء”، معرّجا على “الاستفادة من تجارب الشراكات الإقليمية وممارساتها الفضلى، بما فيها ‘المنتدى الروسي-الإسلامي’ و’منتدى التعاون الروسي-الإفريقي”.غزة.. “لا بديل عن دولة فلسطينية مستقلة”
“لا يغيب عن ذهنِ أحد أن لقاءنا ينعقد بالتزامن مع استمرار موجة العدوان المسلّح التي يتعرض لها قطاع غزة، وما خلّفته -ومازالت- من ضحايا بالآلاف في صفوف المدنيين ومن تخريب ودمار وحصار شامل”، يورد بوريطة في نبرة أسف حول ما يعتمل في الشرق الأوسط من تطورات.
وذكّر وزير الخارجية بـ”دعوة جلالة الملك محمد السادس، انطلاقا من التزامه بالسلام، وبصفته رئيسا للجنة القدس، إلى التحرك الجماعي كل من موقعه لخفض التصعيد ووقف إطلاق النار بشكل دائم وقابل للمراقبة، وضمان حماية المدنيين وعدم استهدافهم، والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية بانسيابية وبكميات كافيه لساكنة غزة، وإرساء أفق سياسي للقضية الفلسطينية كفيل بإنعاش حل الدولتين المتوافق عليه دوليا”.
وتابع الوزير: “أكد الملك غير ما مرة أنه لا بديل عن سلام حقيقي في المنطقة يضمن للفلسطينيين حقوقهم المشروعة في إطار حل الدولتين، ولا بديل عن دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، ولا بديل عن تقوية السلطة الفلسطينية بقيادة فخامة الرئيس محمود عباس أبو مازن، ولا بديل عن وضع آليات لأمن إقليمي مستدام قائم على احترام القانون الدولي والمرجعيات الدولية المتعارف عليها”، وزاد: “ونتطلّع، أيضا، إلى إن تكتمل فصول العملية السياسية في ليبيا في أقرب الآجال، بواسطة الأشقاء الليبيين أنفسهم، عبر تنظيم الاستحقاقات الانتخابية في موعدها المحدد، بعيدا عن التأثيرات والتدخلات الخارجية، وهو ما سيشكل بداية لمرحلة جديدة في هذا البلد الشقيق، أسسها الاستقرار والشرعية والاستجابة لمتطلبات الشعب الليبي. كما يحدونا أمل كبير في أن تستقر الأوضاع في سائر ربوع الوطن العربي على أساس تغليب الحوار والمبادرات السلمية. وبحكم مكان روسيا الاتحادية في المنتظم الدولي، وبالنظر إلى دورها الإقليمي الفاعل وعلاقاتها الوطيدة بالعالم العربي واطلاعها المعمق على واقعه، فإننا نرى فيها شريكا قادرا على لعب دور بناء في حل هذه القضايا، وفقا لمبادئ التضامن الفاعل والتأثير الإيجابي”.
“لقد حان الوقت، في تصورنا، ليتم التعامل مع العالم العربي وفق مقاربة مغايرة في التعاطي مع قضاياه وانشغالاته”، يستطرد المسؤول الحكومي ذاته، مشددا على “مقاربة تستجيب للتحديات الراهنة التي يعرفها العالم والمنطقة العربية خاصة، وتتعامل مع الدول العربية كمنظومة متسقة، لها وزنها الإقليمي والدولي، ومقاربة مبنية على شراكة حقيقية روحا ومضمونا، تدافع عن قضايا وانشغالات الدول العربية قولًا وفعلًا”؛ ومعتبرا أن “قوامها التنسيق السياسي والتعاون الاقتصادي والتقارب الإنساني، والحرص المشترك على حفظ الأمن والسلم في المنطقة بالطرق السلمية”.
وبدا لافتاً ربطُ بوريطة بين منتدى التعاون العربي – الروسي وعلاقات الرباط وموسكو، واصفاً إياه بـ”امتداد للعلاقات التاريخية القائمة بين المغرب وروسيا، الضاربة جذورها في القدم لأكثر من قرنين من الزمن اتسمت على الدوام بالحوار، والتعاون، والتقدير، والاحترام”.
“عرفت هذه العلاقات قفزة نوعية، إثر الزيارتين الرسميتين اللتين قام بهما جلالة الملك محمد السادس إلى روسيا الاتحادية سنتي 2002 و2016، حيث توجت الزيارة الأخيرة بتوقيع إعلان الشراكة الإستراتيجية، الذي أرسى أسسا جديدة للعلاقات الثنائية بين البلدين”، يورد الوزير مسترجعاً شريط العلاقات، وتابع شارحا: “إذا كانت المملكة المغربية تحتل الرتبة الثالثة ضمن قائمة أهم خمسة شركاء تجاريين لروسيا في القارة الإفريقية فإن هذه الرتبة تبقى، في اعتقادنا، دون طموحنا ورغبتنا في الارتقاء بهذه الشراكة الإستراتيجية إلى مستويات أعلى وآفاق أرحب”.
وأردف المسؤول الدبلوماسي المغربي: “انخراط المغرب في تقوية المنتدى العربي- الروسي والمضي – والمضي به قدُما على جميع الأصعدة يعد تعبيراً صريحا عن رغبتنا في تطوير العلاقات متعددة الأبعاد التي تربط المملكة بروسيا”، خاتما بنداء أمل “في أن تكون هذه الدورة في نسختها السادسة محطة مهمة في مسار التعاون العربي الروسي ترقى إلى مستوى طموحاتنا المشتركة، بما يعود بالنفع والمصلحة على الجانبين”.