almizan.ma
فشل الوزير .. أوقفوا الأستاذ
الميزان/ الرباط: متابعة
باشرت المديريات الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة إصدار قرارات زجرية في حق الأساتذة المضربين عن العمل وتعويضهم بغير المضربين، بسبب ما اعتبره المسؤولون “تصرفات لامسؤولة تعد بمثابة هفوات خطيرة وإخلالا بالالتزامات المهنية؛ من قبيل الانقطاع المتكرر عن العمل بصفة غير مشروعة، وحرمان التلاميذ من حقهم في تدريس قار ومستمر، والتحريض عبر مواقع التواصل الاجتماعي على القيام بالتوقفات المتكررة عن العمل”.
ليسود غضب وسط الأساتذة جراء مضي وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة في إصدار القرارات، ويتهمون الوزارة بعدم قانونية قرارات التوقيف التي تصدرها ويؤكدون توجههم إلى القضاء.
ورفض عدد من الأساتذة تسلّم قرارات التوقيف عن العمل، التي تتولى تبليغها المديريات الإقليمية لوزارة التربية الوطنية، “نظرا لعدم قانونيتها”؛ في حين تسلّمها أساتذة آخرون على أساس الطعن فيها أمام القضاء الإداري.
واستندت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، في قرارات التوقيف التي أصدرتها في حق مئات الأساتذة، إلى مقتضيات النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، غير أن الأساتذة المعنيين اعتبروا أن هذه القرارات غير خاضعة للمسطرة القانونية المعمول بها، وأنها تتنافى ومقتضيات الدستور.
وفي هذا السياق قال ربيع الكرعي عضو التنسيقية الوطنية “معلوم أن قرارات التوقيف عن العمل التي أصدرتها الوزارة تخالف مقتضيات الدستور الذي نص على الحق في الإضراب، ولم تخضع للمساطر المتعلقة بالتأديب المعمول بها”، قائلا: “نحن مُضرِبون ولسنا منقطعين عن العمل”.
من جهته أكد الدكتور جلال مستشار الهيئة الديمقراطية لحقوق الإنسان، أن قرارات توقيف الأساتذة الصادرة عن وزارة التربية الوطنية، سواء المتعلقة بالأساتذة أطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين (المتعاقدين) أو بالأساتذة المرسمين، تفتقر إلى الشروط القانونية.
فبخصوص الأساتذة أطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، أوضح المتحدث، في تصريح لجريدة الميزان الإلكترونية almizan.ma، أن الدولة إلى حد الآن لا تعترف بهم كموظفين عموميين، وبالتالي، لا يمكن، من الناحية القانونية، أن تطبق عليهم قرارات التوقيف المستمدة من قانون الوظيفة العمومية.
وبالنسبة لقرارات التوفيق الصادرة في حق الأساتذة المرسّمين، فإنها لم تحترم مبدأ تدرّج العقوبة، التي تبدأ، كإجراء أولي، بتوجيه استفسار إلى المعني بالأمر، ثم الإنذار، ثم الإحالة إلى المجلس التأديبي الذي يتخذ العقوبة المناسبة.
وينص الفصل 75 مكرر من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية على أنه “باستثناء حالات التغيب المبررة قانونا، فإن الموظف الذي يتعمد الانقطاع عن عمله يعتبر في حالة ترك الوظيفة؛ ويعد حينئذ كما لو تخلى عن الضمانات التأديبية التي ينص عليها هذا النظام الأساسي”.
ووضع النص القانوني المذكور جملة من الشروط يتعين تطبيقها قبل توقيف الموظف المعني، حيث يوجه رئيس الإدارة إلى الموظف المؤاخذ بترك الوظيفة إنذارا لمطالبته باستئناف عمله، يحيطه فيه علما بالإجراءات التي يتعرض لها في حالة رفضه استئناف عمله.
ويوجه هذا الإنذار إلى الموظف على آخر عنوان شخصي له مصرح به للإدارة، وذلك بواسطة رسالة مضمونة مع إشعار بالتسلم.
وبحسب النص القانوني ذاته، إذا “انصرم أجل سبعة أيام عن تاريخ تسلم الإنذار ولم يستأنف المعني بالأمر عمله، فلرئيس الإدارة صلاحية إصدار عقوبة العزل من غير توقيف الحق في المعاش أو العزل المصحوب بتوقيف حق المعاش وذلك مباشرة وبدون سابق استشارة المجلس التأديبي”.
وإذا تعذر تبليغ الإنذار، وفق المقتضى نفسه، “أمر رئيس الإدارة فورا بإيقاف أجرة الموظف المؤاخذ بترك الوظيفة. وإذا لم يستأنف هذا الأخير عمله داخل أجل ستين (60) يوما ابتداء من تاريخ اتخاذ قرار إيقاف الأجرة وجب تطبيق العقوبة المنصوص عليها في الفقرة الثالثة أعلاه، وفي حالة ما إذا استأنف الموظف عمله داخل الأجل المذكور عرض ملفه على المجلس التأديبي”.
ولعل التوقيفات في هذه الظرفية لن تزيد الأوضاع إلا تأزما، مما يرهن أكثر مستقبل السنة الدراسية للمجهول”.
وأكد مستشار الهيئة الدكتور جلال أن التوقيفات هي انتهاك صريح ضد ممارسة الحق في الإضراب المكفول بالمواثيق الدولية والوطنية.
وأمام دعوة الوزارة مديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين إلى “العمل، بالحزم والصرامة اللازمتين، بتنسيق مع السلطات المحلية، على اتخاذ كافة الإجراءات التي تتيحها المقتضيات التنظيمية والقانونية الجاري بها العمل للتصدي لكل الأفعال والسلوكات التي تعيق المرفق التربوي العمومي، والحرص على سيادة الضوابط التربوية والإدارية داخل مؤسسات التربية والتعليم العمومي، وعدم التساهل مع أية ممارسة من هذا القبيل”..
وفي الوقت الذي يعيش فيه الأستاذ بين مطرقة الاقتطاع وسندان التوقيف يستغرب المجتمع المدني من الحرب بين الطرفين والذي يبقى الخاسر الوحيد فيها هي المدرسة العمومية.
إن الوضع الراهن يقتضي الحكمة دون رعونة وتغليب منطق المصلحة بعيدا عن المزايدات الفارغة والتي لا تأتي بخير، في زمن عوض أن يحاسب المسؤول عن فشله يعصف بأضعف حلقة وهي الأستاذ في تطبيق حرفي للمثل الشعبي ” طاحت الصومعة علقوا الفقيه” وسيصير المثل الشعبي في واقعيته ” فشل الوزير أوقف الأستاذ” أليس فيكم رجل رشيد؟