أدب الأطفال في البيت: غرسٌ يصنع أمة
الميزان/ الرباط: بقلم/أ. عبده معروف
في البيت تُبذر البذور الأولى، وفي حضن الأسرة تُغرس القيم كما تُغرس الأشجار في تربة خصبة، فما ينبت من هناك، يبقى راسخًا في الوجدان والعقل، ويؤتي ثماره حين يشبّ الصغير ويشتد عوده، *أدب الأطفال في البيت ليس رفاهية تربوية، بل فريضة حضارية؛* فمن هنا يتعلم الطفل أولى خطوات الكلام، وهنا يلتقط نبرة الصوت، ويتذوق معاني الرحمة، ويحفظ قوانين الاحترام، ويتربى على الصدق والاعتذار، وعلى قول “من فضلك” و”شكرًا”، وعلى ألا يرفع صوته في حضرة الكبير، ولا يمد يده في غير إذن، البيت الذي يُهمل تهذيب لسان الطفل، سيبكي يومًا على فظاظة طباعه، والبيت الذي يسكت عن إهانة الصغير لأخيه، سيستيقظ يومًا على قسوة تفتك بالعائلة كلها، *فالأدب ليس مجرد كلمات تحفظ، بل سلوك يُعاش،* وحين يُعَلَّم الطفل كيف يعتذر بلطف، يتعلم الرجولة، وحين تسمع البنت أمها تستأذن باحترام، تدرك معنى الكرامة، فالطفل لا يربّيه الكلام فقط، بل تربيه الأفعال، تربيه القدوة، ومَن ظن أن التربية تكون بالصراخ، فقد فقد مفتاحها منذ البدء، ومن ظن أن الأدب يُغرس في الشارع أو في المدرسة فقط، فقد أوكل لغيره مهمة بناء قلب ولده وروحه، *أيها الآباء والأمهات:* علموا أبناءكم أن الأدب زينة لا يخلعها الإنسان يومًا مهما اشتد به الفقر أو ارتفع به الغنى، علّموهم أن الأدب لا يعني الخنوع، بل احترام الذات والآخر، اغرسوا فيهم أن الاحترام لا يُطلب، بل يُمنح لمن يستحق، وأن الاعتذار لا يُنقص من الكرامة، بل يرفعها، *واعلَموا أن البيت المهذب، يصنع أبناءً مهذبين،* وأن الأمة التي تُهذّب أبناءها في البيوت، لا تحتاج لآلاف القوانين في الشوارع؛ فليكن بيتك مدرسة أدب، وصوتك نشيد تهذيب، ونظرتك رادعًا عن الخطأ، وابتسامتك مكافأة على الصواب، *فأدّبوا أبناءكم بحب، فإن الغرس إذا سقيناه حنانًا، أهدانا ظلًا وثمارًا حين نحتاج،* ولا تنسوا: الطفل اليوم، هو المجتمع غدًا، فانظر أي أمة تصنع بين يديك.